100

Sharh al-Tadmuriyyah - Nasser al-Aql

شرح التدمرية - ناصر العقل

ژانرونه

ما وقع فيه من وصف الله بأنه لا داخل العالم ولا خارجه وأما قولهم: ولا خارج العالم، فإنهم إنما قالوا ذلك خوفًا من إثبات الفوقية والاستواء، وإثبات الذات لله ﷿، لأنهم إذا أقروا بأنه ليس داخل العالم فقد يكون خارج العالم، يعني: خارج المخلوقات، وهذا كلام في الحقيقة لا يليق أن نقوله في الله؛ لأن الله يجب أن نصفه بما وصف به نفسه لا نقول: خارج ولا داخل أصلًا، لكن ابتلينا بهؤلاء فنضطر من أجل أن نبسط هذه الأمور أن نتكلم بلغتهم على سبيل نفي الباطل. قولهم: لا خارج العالم، يقصدون به نفي الاستواء والفوقية والعلو، وأن يكون لله وجود حقيقي بذاته، فلذلك قالوا: ولا خارج العالم. ونحن نقول: ماذا تقصدون بقولكم: (ولا خارج العالم)؟ إن قصدتم بنفي الخارج أن يكون الله ﷿ ليس بمستو على عرشه، وليس بعلي، فهذا خلاف النصوص وخلاف مقتضى العقول، وكذبتم، وإن قصدتم أننا لا نتصور له وجودًا كوجود العالم خارج العالم فنعم، ليس له وجود كوجود العالم، خارج العالم له وجود يليق بجلاله كما يليق بعظمته سبحانه. إذًا: فهم من أجل أن يفروا من إثبات الصفات قالوا: لا داخل العالم ولا خارجه، وهذا لا يعقل أصلًا، بل ولا يقول به عاقل يحترم نفسه، كذلك: لا مباين ولا محايد إلى آخره، ولذلك قال أحد العقلاء لمن ادعى ذلك في الخالق: ميز لنا بين هذا الرب الذي تعتقده وبين المعدوم؛ لأنه الذي لا داخل ولا خارج ولا ولا هذا هو الذي لا وجود له. كما أن الله ﷿ مستو على عرشه فوق السموات، كما أخبر عن نفسه وأخبر عنه رسوله ﷺ، وله وجود حقيقي يليق بجلاله، ولابد من هذه الحقيقة، وإلا فإن من تصور غير ذلك فلابد أن يبقى قلبه خاويًا لم يمتلئ بالإيمان الحقيقي، ولذلك كل أهل الكلام الذين تأملوا في حالهم بعد كبر السن أو بعد مدة طويلة وجدوا أنفسهم لا يعتقدون شيئًا، بل وصرحوا بذلك؛ لأنه إذا كنت تعتقد أن ربًا ليس داخل العالم ولا خارج العالم، إذًا فأين يكون؟! لا وجود له، وكل الباطل يدور على هذه الفلسفة، لكن لا مانع أن نقرأ مقطعًا يكون فيه مثال وتوضيح، ثم نترك الباقي من الوساوس والأوهام؛ لأن عافية الله أوسع لنا.

9 / 9