238

شرح التدمرية - الخميس

شرح التدمرية - الخميس

خپرندوی

دار أطلس الخضراء

د ایډیشن شمېره

١٤٢٥هـ/٢٠٠٤م

ژانرونه

وإحكام الشيء إتقانه، فإحكام الكلام إتقانه بتمييز الصدق من الكذب في أخباره، وتمييز الرشد من الغي في أوامره.
والقرآن كله محكم بمعنى الإِتقان، فقد سماه الله حكيمًا بقوله: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾ [يونس: ١] فالحكيم بمعنى الحاكم، كما جعله يقص بقوله: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ [النمل: ٧٦]، وجعله مفتيًا في قوله: ﴿قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ﴾ [النساء: ١٢٧] أي ما يتلى عليكم يفتيكم فيهن، وجعله هاديًا ومبشرًا في قوله: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ﴾ [الإسراء: ٩] .
وأما التشابه الذي يعمه فهو ضد الاختلاف المنفي عنه في قوله: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢]، وهو الاختلاف المذكور في قوله: ﴿إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ*يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ [الذريات:٨ ـ٩] .
فالتشابه هنا هو تماثل الكلام وتناسبه، بحيث يصدّق بعضه بعضًا، فإذا أمر بأمر لم يأمر بنقيضه في موضع آخر، بل يأمر به، أو بنظيره، أو بملزوماته، وإذا نهى عن شيء لم يأمر به في موضع آخر، بل ينهى عنه، أو عن نظيره، أو عن لوازمه، إذا لم يكن هناك نسخ.
وكذلك إذا أخبر بثبوت شيء لم يخبر بنقيض ذلك، بل يخبر بثبوته، أو بثبوت ملزوماته، وإذا أخبر بنفي شيء لم يثبته، بل ينفيه، أو ينفي لوازمه، بخلاف القول المختلف الذي ينقض بعضه بعضًا، فيُثبت الشيء تارة وينفيه أخرى، أو يأمر به وينهى عنه في وقت واحد، أو يفرق بين المتماثلين فيمدح أحدهما ويذم الآخر، فالأقوال المختلفة هنا هي المتضادة، والمتشابهة هي المتوافقة.
وهذا التشابه يكون في المعاني وإن اختلفت الألفاظ، فإذا كانت المعاني يوافق بعضها بعضًا، ويعضد بعضها بعضًا، ويشهد بعضها لبعض، ويقتضي بعضها بعضًا، كان الكلام متشابهًا، بخلاف

1 / 269