شرح التدمرية - الخميس
شرح التدمرية - الخميس
خپرندوی
دار أطلس الخضراء
د ایډیشن شمېره
١٤٢٥هـ/٢٠٠٤م
ژانرونه
الجهمية لما وصفوا الله تعالى بأنه "لاحي ولا ميت"، فنفوا عن الله تعالى الحياة والممات معًا فأورد عليهم أهل السنة إشكالًا - تقريره:
إنكم أيها الجهمية قد وصفتم الله تعالى بأنه لا حي ولا ميت فنفيتم عن الله تعالى الحياة وضدها الممات. وهذا النفي لا يمكن عقلًا، لأنه إذا لم يكن حيًا لابد أن يكون ميتًا وإذا لم يكن ميتًا لابد أن يكون حيًا.
وإلا يلزم رفع النقيضين، ورفع النقيضين باطل باتفاق العقلاء.
فأجاب هؤلاء الجهمية عن هذا الإشكال فقالوا: لا يلزم من قولنا: (لاحي ولا ميت) - رفع النقيضين: لأن الحياة والممات ليسا نقيضين؛ بل هما من قبيل العدم والملكة والقاعدة في المتخالفين تخالف العدم والملكة: أن يكون محل العدمي صالحًا للوجودي وبالعكس.
نحو: العمى والبصر، فالعمى عدمي والبصر وجودي.
فمحل العدمي هنا صالح للوجودي وبالعكس، فزيد بصير مثلًا لكنه صالح لأن يكون أعمى، وبكر أعمى مثلًا ولكنه صالح لأن يكون بصيرًا.
وأما إذا لم يكن ذلك المحل قابلًا للآخر - فحينئذٍ يجوز لك أن تنفي الوجودي والعدمي كليهما؛ لأنه لا يلزم حينئذٍ ثبوت أحدهما بنفي الآخر أو بنفي أحدهما ثبوت الأخر.
وذلك كالجدار فإن الجدار ليس محلًا للعلم ولا للجهل، فإذا قلت: هذا الجدار لا عالم ولا جاهل جاز لك هذا؛ لأنه لا يلزم من قولك: الجدار ليس بعالم - أن يكون الجدار جاهلًا.
وإذا نفيت الجهل عن الجدار وقلت الجدار ليس بجاهل لا يلزم منه أن يكون الجدار عالمًا، فيصح لك أن تقول: هذا ليس بعالم ولا جاهل ولا حي ولا ميت، فهكذا يجوز لك أن تقول: الله ليس بحي ولا ميت ولا عالم ولا جاهل.
هذا كان تقرير اعتراض الجهمية وبيان إشكالهم على جواب أهل السنة؛
1 / 214