============================================================
(المرصد الثاني: في تعريف مطلق العلم] من هاهنا في مقاصد علم الكلام، وما تقدم في المرصد الأول كان مقدمة للشروع فيه، ولا بد للمتكلم من تحقيق ماهية العلم أولا، ومن بيان انقسامه إلى ضروري ومكتسب ثانيا، ومن الإشارة إلى ثبوت العلوم الضرورية التي إليها المنتهى ثالثا، ومن بيان أحوال النظر وإفادته للعلم رابعا، ومن بيان الطريق الذي يقع فيه النظر ويوصل إلى المطلوب خامسا، إذ بهذه المباحث يتوصل إلى إثبات العقائد، وإثبات مباحث أخرى تتوقف عليها العقائد، وقد عرفت أنه قد جمل جميع ما يتوقف عليه إثبات العقائد من القضايا المكتسبة مقاصد في علمه كيلا يحتاج فيه إلى علم آخر، فالمباحث المذ كورة في هذه المراصد الخمسة مسائل كلامية، وفي أبكار الأفكار صريح بذلك حيث جعله مشتملا على ثماني قواعد متضمنة لجميع مسائل الأصول (قوله: مسائل كلامية) من وجه ومباد من وجه فلا ينافيه قوله: الموقف الأول في المقدمات لأن المراد منها ما يتوقف عليه جميع ما عداها، إما شروعا كما في المرصد الأول: أو ذاتا كما في هذه المراصد الخمسة قول: (تصريح إلخ) إذ لا يقال: إن الثمانية متضمنة لمسائل الأصول باعتبار تضمن خمسة منها، فلا بد أن تكون القواعد الثلاثة ايضا متضمنة لمسائله، والقول بأن بعض ما يذكر فيها مسائل دون بعض تحكم لم يقل به أحد، فيكون جميع ما يذ كر فيها مسائل كلامية، فافهم فإنه زل فيه أقدام.
قوله: (وما تقدم في المرصد الأول كان مقدمة الشروع) فإن قلت: كلام الشارح ها هنا يناقض قول المصنف فيما سبق الموقف الأول في المقدمات، وفيه مراصد فإنه يدل على أن كل المراصد من المقدمة، وقول الشارح يدل على أن المقدمة هي المرصد الأول فقط قلت: المرصد الأول مقدمة على الإطلاق، والمراصد الخمسة الباقية مقدمة من وجه، ومقاصد من وجه، فمراد الشارح بالمقدمة على الإطلاق اعني مقدمة الشروع، ومراد المصنف أعم من ذلك فلا تناقض قوله: (وفي ابكار الأفكار للآمدي تصريح بذلك) نقل عنه رحمه الله أن التصريح نظرأ إلى الظاهر مسلم، وأما اللزوم فلا إذ اللازم عدم خروج المسائل عن تلك القواعد، وأما كون كل قاعدة منها مشتملة عليها فلا، وما قيل من أن تشريك الكل في العنوان أولا، وتعيين كل منها لبيان ما ببين فيه مع كون البعض من المسائل قطعا بلا إشارة إلى تمييز بين ما هو منها قطعا، وبين ما
مخ ۶۸