194

============================================================

المرصد الرابع - في إثبات العلوم الضرورية الأحكام كلها وبلزومه عما ذكرتم من الشبه، فكان كلامكم مناقضا لنفسه، ومنهم فرقة ثالثة تسمى بالعندية وهم القاثلون بأن حقائق الأشياء تابعة للاعتقادات دون العكس، فمن اعتقد مثلا أن العالم حادث كان حادثا في حقه، وبالعكس فمذهب كل طائفة حق بالقياس إليهم، وباطل بالقياس إلى خصومهم، ولا استحالة فيه إذ ليس في نفس الأمر شيء بحق واحتجوا على ذلك بأن الصفراوي يجد السكر في فمه مرا، فدل على أن المعاني تابعة للإدراكات، وذلك مما لا يخفى فساده، فظهر أن السوفطائية قوم لهم نحلة، ومذهب، ويتشعبون إلى هذه الطوائف الثلاث، وقيل: ليس يمكن أن يكون في العالم قوم عقلاء ينتحلون هذا المذهب، بل كل غالط سوفسطائي في موضع غلطة، فإن سوفا بلغة اليونانيين اسم للعلم، واسطا اسم للغلط، فسوفسطا معناه علم الغلط، كما أن فيلا بلغتهم اسم المحب، وفيلسوف معناه محب العلم، ثم عرب هذان اللفظان واشتق منهما السفسطة والفلسفة (والمناظرة معهم) أي مع السوفسطائية (قد منعها المحققون) من العلماء (لأنها لإفادة المجهول) المحتاج إلى النظر (بالعلوم ولا يتصور في الضروريات كونها مجهولة) أي محتاجة إلى النظر (والخصم لا يعترف بمعلوم حتى يثبت به مجهول) فانتفي القيدان المعتبران في المناظرة (فالاشتغال به) أي بجواب ما ذكروه من الشبه (التزام قوله: (تابعة للاععقادات) فليس للاشياء ثبوت في أتفسها بل بتوسط الاعتقاد كالمسائل الاجتهادية عند من يقول: آن كل مجتهد مصيب.

الموجودات الخارجية وإن كان سياق كلامه يشعر بذلك، وهذا يتم إلزامهم بلزوم المتاقضة في كلامهم لا بأن الجزم قسم من العلم الموجود في الخارج، إذ لا وجود للعلم عند كثير، ولو ثبت فبأنظار دقيقة، فكيف يحصل إلزام متكري اجلى البديهيات بمثل هذا الأمر الخفي؟

قوله: (ويرد عليهم أنكم إلخ) وأيضا يقال: لهم كيف حصل لكم هذا الجزم مع أنه تطرق بطرق العلم تهمة على زعمكم الباطل.

قوله: (وهم قائلون بان حقائق الأشياء إلخ) قيل: يلزمهم التناقض لزومه للعنادية، لأن اعتقاد تبعية حقائق الأشياء للاعتقاد حقيقة ثانية في نفس الأمر، إذ لو قالوا: يتبعيته لاعتقاد آخر ننقل الكلام إليه، فيلزم إما الانتهاء إلى اعتقاد ثابت بحسب الواقع غير تابع لاعتقاد آخر، او التسلسل في الاعتقاديات ولهم ان يمنموا لزوم التسلسل الباطل، لأنه يمكن ملاحظة ثبوت معتقدات غير متناهية مجملا، فلا محذور فتامل. فإن قلت: هم اعترفوا بحقيقة التفي حيث قالوا: ليس في تفس الأمر شيء محقق أي ثابت مقرر لا يقبل التبدل، فجاء التناقض قلت: هذا ايضا تابع للاعتقاد عندهم

مخ ۱۹۴