============================================================
المرصد الرابع - في إثبات العلوم الضرورية كانت قادحة في البديهيات لكانت قادحة في أنفسها، ورد بأنا لم نقصد بإيراد الشبه إبطال البديهيات باليقين ، بل قصدنا إيقاع الشك فيها، وكيف ما كان الحال فمقصودنا حاصل؟ (ثم إنهم) أي المنكرين للبديهيات فقط (بعد تقرير الشبه قالوا:) لخصومهم (إن اجبتم عنها) أي عن هذه الشبه (فقد التزمتم أن البديهيات لا تصفو عن الشوائب) ولا يحصل الوثوق بصحتها (إلا بالجواب عنها) أي عن هذه الشبه (وإنه) أي الجواب عنها إنما يحصل (بالنظر الدقيق فلا تبقى) البديهيات (ضرورية) لتوقفها حينيذ على ذلك النظر الدقيق (وهو) أي عدم بقائها ضرورية موثوقا بها لأجل الضرورة هو (المراد) من إيراد تلك الشبه (وأيضا فيلزم الدور) لتوقف البديهيات حينيذ على النظريات المتوقفة عليها هذا إذا كان الجواب بمقدمات نظرية، وإن كان بمقدمات بديهية توقف الشيء أعني البديهي على نفسه (وإن لم تجيبوا عنها اى عن الشبه (تمت ونفت الجزم) بالبديهيات، وأجيب عن ذلك بأنا لا نشتغل بالجواب عنها لأن الأوليات مستغنية عن أن يذب عنها، وليس يتطرق إلينا شك فيها بتلك الشبه التي نعلم أنها فاسدة قطعا، وإن لم يتيقن عندنا وجه فسادها، أو نشتغل، بالجواب لإظهار فساد الشبه لا لاحتياج العقل في جزمه بصحة البديهيات إلى ذلك الجواب، فإنه جازم بها مع قطبع النظر عنه (فالقرقة الرابعة المنكرون لهما) أي للحسيات والبديهيات (جميما وهم السوفسطائية قالوا: دليل الفريقين يبطلهما) أى الحسيات والبديهيات (والنظر) فرعهما) فيبطل ببطلان قوله: (لتوقفها) أي توقف الجزم يها والحكم بصحتها، فلا يرد أن مجرد التوقف على النظر لا ينفي كونها ضرورية.
قوله: (وإن كان بمقدمات بديهية) توقف الشيء أعني البديهي على نفسه لزوم توقف الشيء على نفسه، باعتبار توقف ثبوت البديهي على ثبوت البديهي، وإن تغاير البديهيان ثم إن ما ذكر من التفصيل بناء على ما هو الحق من أن الدور يغاير توقف الشيء على نفسه، وإن استلزمه لكن إطلاق الدور عليه أيضا شائع، ولو مجازا فلتعميم الدور إياه ولو بعموم المجاز وجه، ولك أن تقول: حقيقة الدور مجزوم بها سواء كان الجواب بمقدمات نظرية أو بديهية اما على الأول فظاهر، وأما على الثاتي فلأن البديهيات حينعذ تتوقف على الدلائل المذكورة في معرض الجواب، والدليل عبارة عن المقدمات المرتبة ترتيبا مخصوصا، فهو يتوقف على نفس المقدمات توقف الكل على الجزء، فيتحقق الدور حقيقة اللهم إلا ان يعد التوقف على جزء الموقوف عليه توقفا لا بواسطة بل بالذات.
مخ ۱۹۲