190

============================================================

المرصد الرابع - في إثبات العلوم الضرورية فيها سلمنا ولكن الأولي قد يقع خلل في تصور طرفيه كما مر، فلا يعم الاشتباه في الأوليات (وقد أجيب عنها) أي عن الشبهة الأخيرة أعني السادسة (بأن الجازم بها) أي بتلك القضايا التي ادعت اصحاب المذاهب بداهتها (بديهة الوهم) لا بديهة العقل (وهي) اي بديهة الوهم (كاذبة) لا اعتماد على آحكامها (إذ تحكم بما ينتج نقائضها) أي نقائض الأحكام الصادرة عنها فإنها تحكم بأن الميت جماد، وأن الجماد لا يخاف منه وهما ينتجان نقيض ما حكمت به من أن السيت يخاف منه بخلاف بديهة العقل، فإنها صادقة قطعا، وقد يقال: أراد أن بديهة الوهم تحكم بما ينتج نقائض هذه القضايا التي جزمت بها (قلنا: فيتوقف الجزم بها) أي بالبديهيات وبصحتها (على هذا الدليل) الذي يظهر به كذب بديهة الوهم إذ به يمتاز بديهة قوله: (في شبه السوفسطائية) النافين للعلوم الضرورية مطلقا، فتلك القضايا لو لم تكن من الأوليات كان الاشتباه فيها مثبتا لمدعاهم، وهو عدم الوثوق على العلوم الضرورية مطلقا.

قوله: (أي عن الشبهة الأخيرة) أشار بهذا التفسير إلى قرينة كون الضمير للشبهة السادسة، وهي أن الضمير يرد إلى أقرب المذكورات.

قوله: (وهي كاذبة) أي في الجملة.

قوله: (إذ تحكم ينتج إلخ) المواد تحكم بالمقدمات المنتجة لنقيض ما حكمت به، فتكون في أحد الحكمين كاذبة فلا اعتماد على احكامها مطلقا، إذ لا شهادة لمتهم.

قوله: (وقد يقال: إلخ) على التوجيه السابق ضمير نقائضها راجع إلى بديهة الوهم بأدنى ملابسة، أو بحذف المضاف اي أحكامها بخلاف هذا التوجيه، قإنه فيه راجع إلى ما رجع إليه ضمير بها، اعني القضايا المذكورة، والاول اظهر معنى لأن دعوى أن بديهة الوهم حاكمة في جميع تلك القضايا بما ينتج نقائضها تعسف، واعلم أنه قد توهم أن هذا الجواب يدفع الشبهة الثالثة والرابعة والخامسة ايضا، فلا وجه للتخصيص بالسادسة، وليس بشيء لأن خلاصة الثالثة جواز كون الجزم في الأوليات ناشئا من مزاج أو عادة عامين، فلا تكون يقينية كالقضايا الناشئة من مزاج وعادة مخصوصين، فلا بد في دفعها من إثبات آن المزاج والعادة لا مدخل لهما في الاوليات، وخلاصة الرابعة ان الجزم بديهة بصحة مقدمات الدليلين القاطعين المتعارضين مع قوله: (أي عن الشبهة الأخيرة اعني السادمة) قيل: هذا الجواب يصلح أن يكون جوابا للشبهة الثالثة بأن يقال: الوهم بسبب الأمزجة والعادات أوجب الجزم في بعض القضايا، وللرابعة بأن يقال: إنما وقع التعارض بين البديهيات الوهمية والعقلية، فرأى في بادئ الراي أنهما قطعيان وللخامسة بأن يقال: إن الجزم بمقدمة ودليل حين إنما كان بحسب الوهم لا العقل، فظن أنه بديهي ببداهة العقل، وليس كذلك ولذلك ظهر خطؤه، وللسادسة كما قرره الشارح فلا وجه لتخصيصه بكونه جوابا للشبهة السادسة.

مخ ۱۹۰