209

قوله: «ثم يفيض الماء على جسده كله»: وذلك بعد الصب على الرأس يجعل الماء فائضا على جميع الجسد، وهذا التأكيد يدل على أنه عمم جميع جسده بالغسل بعد ما تقدم، وهو يؤيد أن الوضوء سنة مستقلة قبل الغسل.

ما جاء في إنقاء البشر وبل الشعر

قوله: «تحت كل شعرة جنابة»: رواه أيضا أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعا، وعند المصنف من حديث ابن عباس وهو أصح طرقه، ومعناه أن الجنابة تخرج من جميع أجزاء الجسد حتى من تحت الشعر، كما صرح به الحكماء قالوا: ولهذا يتكون من النطفة العظم واللحم والعصب والجلد والشعر، وفي الحديث إشارة إلى أن هذا المعنى هو الحكمة في مشروعية الغسل من الجنابة، ولهذا رتب عليه الحكم في قوله: «فبلوا الشعر وأنقوا البشر»: وبلوا بضم الباء من بله يبله إذا ناله بالماء، وفيه إشارة إلى عدم وجوب العرك إلا أن يقال: إن العرك مستفاد من قوله: «وأنقوا البشر»: وهو بقطع الهمزة أمر من أنقى الشيء إذا نظفه، والنقي النظيف، والبشر والبشرة بفتحتين فيهما ظاهر جلد الإنسان، ويقال: إن كل موضع لم يعم غسله من جسده يبعث الله إليه يوم القيامة حيات تلدغه من ذلك الموضع، وعن النبي عليه السلام أنه قال: "كل شعرة لم يعم غسلها تشتعل يوم القيامة نارا".

مخ ۲۲۸