إثبات صفة النفس لله تعالى
[إلى أن قال: ثم إن الله تعرف إلينا بعد إثبات الوحدانية والإقرار بالألوهية أن ذكر تعالى في كتابه بعد التحقيق بما بدأ من أسمائه وصفاته، وأكد ﵇ بقوله: فقبلوا منه كقبولهم لأوائل التوحيد من ظاهر قوله لا إله إلا الله -إلى أن قال-: بإثبات نفسه بالتفصيل من المجمل] .
بعد أن فرغ الشيخ ﵀ من النقل الأول انتقل إلى أن ذكر صلة كلامه في أن الله ﷾ تعرف لعباده، بعد أن أقروا بتوحيد الإلهية وتوحيد الربوبية، بأسمائه وصفاته ﷾ فبينها لهم، وبين ما يجب له من الأسماء وما يجب له من الصفات؛ لأنه بها يكتمل تحقيق العبودية له ﷾ كما تقدم ذكر ذلك.
ثم قال (إلى أن قال) فبدأ بذكر صفة جاءت النصوص بذكرها فقال: (بإثبات نفسه) أي: بإثبات صفة النفس له، كما يقول الشيخ وسنذكر الخلاف في هذا.
[إلى أن قال بإثبات نفيه بالتفصيل من المجمل فقال: لموسى ﵇: ﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾ [طه:٤١]، وقال: ﴿وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ [آل عمران:٢٨]، ولصحة ذلك واستقرار ما جاء به المسيح ﵇ فقال: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ [المائدة:١١٦]، وقال ﷿: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ [الأنعام:٥٤] .
وأكد ﵇ صحة إثبات ذلك في سنته فقال: (يقول الله ﷿: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي)، وقال: (كتب كتابًا بيده على نفسه: إن رحمتي غلبت غضبي)، وقال: (سبحان الله رضا نفسه)، وقال في محاجة آدم لموسى: (أنت الذي اصطفاك الله واصطنعك لنفسه)، فقد صرح بظاهر قوله: أنه أثبت لنفسه نفسًا، وأثبت له الرسول ذلك.
فعلى من صدق الله ورسوله اعتقاد ما أخبر به عن نفسه، ويكون ذلك مبنيًا على ظاهر قوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:١١]] .
إثبات هذه الصفة التي ذكرها الشيخ ﵀ واستدل لها بالآيات السابقة، يجب أن يكون على حد قوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾، فعلى القول أن النفس صفة لذاته ﷾، فإنها ليست كنفوس المخلوقين ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى:١١] فهي كسائر الصفات يثبتها من أثبتها من أهل السنة من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
إلا أن صفة النفس اختلف أهل العلم من أهل السنة في إثباتها على قولين:
19 / 4