Sharh al-Arba'een al-Nawawiya by Atiyya Salim
شرح الأربعين النووية لعطية سالم
ژانرونه
دخول النية في العبادات وأثرها في صحتها وثوابها
قال الشافعي ﵀: هذا الحديث يدخل في سبعين بابًا من أبواب الفقه، وقال غيره: لو ألف مائة كتاب لجعلت مقدمة كل باب هذا الحديث، ولو أردت تتبع ذلك لطال بك المقام.
نية التعيين التي يتكلم عنها الفقهاء، مثالها: إذا عممت بدنك بالماء فإن أردت النظافة فلك ما نويت، وإن أردت رفع حدث بأعضائك فلك ما نويت، وكذلك أيضًا إذا كان هناك أمران يقتضيان غسلًا أحدهما واجب والآخر مسنون، فإذا نويت المسنون لم يسقط الواجب، وإذا نويت الواجب سقط المسنون ودخل ضمنًا، كمن أصبح يوم الجمعة جنبًا فاغتسل ينوي غسل الجنابة، فإنه يدخل غسل الجمعة معه، أما إذا نوى غسل الجمعة فإنه لا ترتفع عنه الجنابة؛ لأنه لم ينوها؛ والأعمال بالنيات.
وفي باب الصلاة أشرنا إلى أن الصلاة نافلة وفريضة، فإذا أراد النافلة لم تندرج تحتها الفريضة بحال، وإذا نوى الفريضة فقد تندرج معها النافلة، فإذا جئت والإمام في الصلاة في صلاة الصبح ونويت الفريضة دخلت تحية المسجد معها، وكذلك إذا أردت سنة الفجر ونويت تحية المسجد معها، دخلت تحية المسجد مع سنة الفجر؛ لأنها أقوى في الطلب، وهكذا النية تحدد وتعين وتبين المطلوب.
وهكذا إذا جئت إلى الصيام، فقد يكون فريضة أو قضاءً أو كفارة، فحسب ما نويت يكون لك ما نويت في صيامك، وإذا جئنا إلى الحج أيضًا، فإذا أخرت طواف الإفاضة ونويت معه طواف الوداع أجزأك ذلك، بل إن الإمام مالكًا يقول عن الذي يأتي متأخرًا: قد يحج حجه كله بطواف واحد بالبيت، يعني إذا ضاق عليه الوقت، فإن طاف طواف القدوم فاته الوقوف بعرفات، فيسرع ليدرك الموقف في عرفات ويترك طواف القدوم، فإذا جاء ونزل من عرفات إلى منى، وبقي هناك بعد رمي الجمار أيام التشريق، ثم نزل إلى مكة ليطوف طواف الإفاضة ويسافر فإنه يطوف طواف الإفاضة فيسقط القدوم تبعًا لأنه بالنسبة إليه قدوم، وهو ركن في الحج وهو طواف الإفاضة، ويجزئه أيضًا عن طواف الوداع.
وهكذا نجد جميع الأعمال فيما يتعلق بالعبادات في تعيينها وفي تصحيحها.
2 / 4