Sharh al-Aqidah al-Wasitiyyah by Khalid al-Muslih
شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح
ژانرونه
شفاعته ﷺ لأهل الكبائر يوم القيامة
أما الشفاعة الثانية -وهي التي وقع الخلاف فيها بين أهل السنة وغيرهم- فهي شفاعته في أهل الكبائر، وسيأتي ذكرها في كلام المؤلف.
قال: [وأما الشفاعة الثانية فيشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة] .
هذا غير الاستفتاح، فالاستفتاح هو طلب فتح الباب، وهناك أمر آخر وهو أنه إذا فتح الباب فإن أهل الجنة لا يدخلونها إلا بشفاعة النبي ﷺ، فيشفع لأهل الجنة في دخول الجنة، وهو المشار إليه في بعض أحاديث الصحيحين بقوله: (فيحد لي حدًا - يعني: من الأمة- فأدخلهم الجنة)، وهو المشار إليه في قول النبي ﷺ (أنا أول شفيع في الجنة) يعني: في دخولها.
فيدخل رسول الله ﷺ، ثم تدخل أمته.
قال: [وهاتان الشفاعتان خاصتان له] أي: لا يشاركه فيهما غيره لا من الملائكة، ولا من النبيين، ولا من الصديقين، ولا من الشهداء، ولا من الصالحين.
واعلم أنه يضاف إلى هاتين الشفاعتين شفاعة ثالثة خاصة به ﷺ، وهي شفاعته في عمه أبي طالب في تخفيف العذاب عنه لا في رفعه، وذلك أن العباس قال للنبي ﷺ: (يا رسول الله! عمك أبو طالب كان يحوطك ويغضب لك ما نفعته؟ -يعني: أي شيء جازيته على ذلك؟ - فقال: إنه في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل منها)، وهذا فيه أن النبي ﷺ شفع في عمه فخفف عنه، وهذا التخفيف فيه إكرام للنبي ﷺ من جهة، وفيه فائدة، وهي تبيان مراتب أهل الكفر والشرك، فإنهم ليسوا على درجة واحدة في العقاب والمؤاخذة، وقد أخذ بعض أهل العلم من هذا الحديث عدم تخصيص أبي طالب بذلك، فقالوا: سئل النبي ﷺ عن أبي طالب فأخبر، وليس الأمر خاصًا به، بل هذا ثابت لكل من أحب النبي ﷺ من أهل الكفر ولو لم يؤمن به، فإنه يخفف عنه، واستدلوا لذلك بتخفيف العذاب عن أبي لهب بسبب عتقه الجارية التي بشرته بولادة النبي ﷺ.
وعلى كل حال فنحن لم نعلم ذلك صريحًا إلا في أبي طالب، ثم إن المخفف عنه لا يدرك ذلك التخفيف، بل كما قال النبي ﷺ في أبي طالب: (عليه نعلان -أو شراكان- من نار يغلي منهما دماغه، لا يرى أن أحدًا أشد عذابًا منه)، هذا من حيث ما يظن وما يتصور، وأما من حيث الواقع فإنه تخفيف، فهذه ثالث الشفاعات التي يختص بها رسول الله ﷺ.
فالشفاعة الأولى: الشفاعة العظمى.
والشفاعة الثانية: شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوها.
والشفاعة الثالثة: شفاعته في عمه أبي طالب.
20 / 4