49

Sharh al-'Aqidah al-Tahawiyyah - Nasir al-'Aql

شرح العقيدة الطحاوية - ناصر العقل

ژانرونه

الأهواء وعدم التسليم لله تعالى ولرسوله ﷺ الرابع من وجوه التفريط: الأهواء. ومن وجوهه أيضًا: عدم التسليم لله تعالى ولرسوله ﷺ، وعدم التسليم أحيانًا يكون نظريًا وأحيانًا يكون عمليًا وأحيانًا يجمع بين الأمرين، بمعنى أن عدم التسليم أحيانًا يكون في القلب، فيفرط الإنسان فيما جاء عن الله؛ لأنه لم يسلم بذلك اعتقادًا، فيفرط الإنسان ببعض السنة لعدم تسليمه بذلك، كما نجد من الناس من يشكك في بعض السنن الثابتة، فهذا يختل تسليمه ولو كانت سننًا يسيرة، كالسواك مثلًا، حيث يأتي الإنسان يجادل في أن السواك لم يثبت في السنة، أو يتعلل بأي تعليلات فينفي سنة السواك، فمن فعل هذا فقد اختل تسليمه للرسول ﷺ؛ لأنه لم يصدق. فاختلال التسليم قد يكون في القلب بعدم التصديق، وقد يكون في العمل، وقد يشمل الأمرين وكذلك من آمن بسنة ولم يعمل بها وهو قادر عليها اختل تسليمه، مثل إنسان قال: أنا مقر للرسول ﷺ ومصدق له بأن الصلاة مفروضة. ولكنَّه لا يصلي ولا يؤدي الصلاة، فهل يصح تسليمه؟! هذا تسليمه نظري ولا ينفعه تسليمه هذا، فهذا مفرط؛ لأنه أخل بالتسليم، إذًا: الإخلال بالتسليم يشمل أمرين: يشمل الإخلال بالتلقي والاستدلال، ويشمل الإخلال بالعمل والاعتقاد، ومعنى الإخلال بالتلقي والاستدلال أن يتلقى الإنسان دينه من غير مصادره الشرعية، من غير كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وما أجمع عليه السلف، يتلقى الدين بمشربه هو، فقد يكون -مثلًا- متصوفًا فيفرط في الدين بأن يتلقى الدين عن المنامات أو عن أقوال الرجال، أو عما يسمى بالكشف أو الذوق، فهذا فرط في دين الله. وقد يكون من خلل التلقي التعويل على العقل وعلى الأهواء، وهذا -مع الأسف- كثر في هذا الزمن بشكل مزعج، حيث نجد أناسًا قد يكون بعضهم محسوبًا من أهل الخير ومحسوبًا من الدعاة والمثقفين والمفكرين، فإذا بدأ يتكلم في أمور الدين وأصوله وقضاياه بدأ يتكلم بنزعته هو، ولا يعول على النصوص ولا على أقوال السلف، بل ربما يتنكب لأقوال السلف، فهذا يعتبر مفرطًا في دين الله؛ لأنه اختل منهج التلقي عنده، حيث تلقى دينه من مزاجه.

4 / 10