معتد، فكذلك من أول في الصفات، وهذا إشارة من المؤلف ﵀ بأن القول في الصفات كالقول في الذات، فكما إننا نثبت لله ﷿ ذاتا لا تشبه ذات المخلوقين، فإننا نثبت له صفات لا تشبه صفات المخلوقين.
وقوله: (من غير ما إثبات) يعني من غير ما دليل على تأويله، فإنه يكون متعديا، فإن وجد دليل للتأويل فإن ذلك لا باس به، ولا يعد هذا تعديا، مثاله قوله ﷾ في الحديث القدسي: «ولا يزال عبد يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه) (١)
فلو قال قائل: ظاهر الحديث أن الله يكون سمع الإنسان وبصره ويده ورجله، فلماذا تؤولون هذا الحديث وتقولون: إن المراد أن الله يسدد هذا الرجل في سمعه وبصره ومشيه وبطشه؟
فالجواب أن نقول: لان عندنا دليلا يدل على ذلك، وهو قول الله ﷿ في الحديث القدسي: «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تتقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه) .
فهنا يوجد عابد ومعبود لقوله: «ما تقرب إلى عبدي)، ويوجد متقرب ومتقرب إليه «ما تقرب إلي عبدي)، ويوجد فارض ومفروض عليه «مما
(١) رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب التواضع، رقم (٦٥٠٢) .