قال المفسر: هذا الفصل وضع جداء (241) الاستقلال من الأمراض يخبر أنه ينبغي لمن استقل من مرض طال به أن يطعم قليلا قليلا ومن استقل من مرض قريب الوقت أن يطعم كثيرا. وقياس ذلك في رجلين مرضا فكان مرض أحدهما مزمنا (242) وكان آخر من اختلاف عرض له فنحولهما ليس بواحد. ولذلك ينبغي أن نفحص عن النحول ومبلغه من كل واحد منهما (243). فنقول إن قوام طبيعة أجسادنا من ثلاث أشياء منها أرواح ورطوبات وشداد. فإذا أصاب الجسد [P50] مرض مزمن (244) أفنى الأرواح والرطوبات ووصل إلى شداد الجسد وهي الأركان فتضعف قوى الطبيعة الأربع الناشفة وأصحابها وتضعف بضعفها التمشية في المعدة والطبخ في الكبد وتضعف مع ذلك قوى القلب والدماغ والطحال B النشافات فهذا مبلغ نحول المريض المستقل من المرض المزمن. فلذلك أمر أبقراط أن يطعم قليلا قليلا ولا يكثر له من الطعام حتى ترجع قوى الطبيعة فتقوى على أعمالها. وأما المرض الذي من اختلاف يعرض وما أشبه ذلك فليس يعدو إفراغ الرطوبات والأرواح ولا يصل إلى شداد الجسد. فإذا استقل أطعم كثيرا لصحة معدته وكبده فصحة قوى الطبيعة وصحة قوى الأركان الشداد التي لم يصل المرض إليها ولاستقامة النمشية في المعدة والطبخ في الكبد. وينبغي إذا ذكرنا التمشية والطبخ أن نضع لهما قياسا من الخلائق الخارجة من الجسد لنعرف (245) بذلك القياس تحقيق ما ذكر أبقراط من تدبيرهما في داخل الجسد. فنقول إن قياس تمشيته في المعدة وذوبه باجتماع الحرارة والرطوبة فيها بمنزلة تمشية الحبوب والنوى في الأرض وذوبهما باجتماع رطوبة الماء وحرارة الشمس فيها. وقياس ما ينبغي في المعدة من ثفل الطعام بعد التمشية [P51] وذهاب الصفو إلى الكبد ما يبقى من ثفل الحب والنوى في الأرض بعد التمشية وذهاب اللطيف في النبت. وقياس طبيخ صفو الطعام والشراب في الكبد ونضوجه بحرارة المرة الصفراء ونشف المرارة التي في الكبد ونشف القلب والدماغ والطحال أجزاؤها من لطيف ذلك الصفو (246) وطيبه بعد الطبخ طبخ الماء في أرحام الأرض ونضوجه بحرارة الشمس ونشف العشب والشجر وأخذ كل ذي يميز (247) حاجته من لطيفه وطيبه بعد (248) A إلى أوعية الكيموسات الأربعة ما يبقى من الماء في أرحام (249) الأرض ذهاب لطيفه فيما نشف النبت كله. فتبارك الله الخلاق العليم مقدرها ومكونها.
ii. 8 فصل آخر
[aphorism]
قال أبقراط: من استقل من مرض فأكل ولم يقو فقد أذن أنه يكثر من الطعام، وإن كان ذلك وهو لا يقبل الطعام فقد أذن أنه ينبغي له أن يفرغ.
[commentary]
قال المفسر: في هذا الفصل علامة للذين (250) يستقلون من الأمراض يخبر أن من استقل من مرض فلم يقوو فلذك يؤتى من أمرين: إما من قبل كثرة الطعام وأنه يحمل على المعدة ما لا تقوى على تمشيته ولا يصل إلى الجسد منه منفعة؛ وإما من كثرة كيموس زائد في الجسد يثقل الطبيعة ويمنعها [P52] من أعمالها. فإن كان يكثر من الطعام ولا يقوى فليؤمر بقلة الطعام حتى تقوى (251) معدته على التمشية وكبده على بخ رويدا فتصل منفعة ذلك إلى أركان جسده (252) ويقوى. وإن كان لا يقبل الطعام ولا يقوى فيفرغ بما ينبغي من ذلك من قيء أو اختلاف (253) حتى يخف عنه ثفل الكيموس المانع الغالب لقوى الطبيعة أن تعمل.
ii. 9 التعليم التاسع في سقي الدواء (253b)
[فصل]
[aphorism]
قال أبقراط: ينبغى لمن أراد تنقية الاجساد أن ينقيها قبل ذلك أى بإذابة ما فيها من الكيميوس الغليط) التعليم التاسع في إسقاء الدواء المنقي (254)
قال أبقراط: ينبغي لمن أراد إنقاء الأجساد أن ينفشها (255) قبل ذلك.
[commentary]
مخ ۲۱