بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر وأعن يا كريم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله [وصحبه]، أجمعين.
قال الشيخ الإمام الأجل، الأستاذ حسام الدين، شمس الإسلام والمسلمين، برهان الأئمة في العالمين، أبو المعالي عمر بن الشيخ الإمام [الأجل برهان الأئمة] عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز [نور الله مضجعهما وحفرتهما].
1 / 113
أما بعد، فقد طلب مني بعض أصحابنا أن أذكر لكل مسألة من مسائل [كتاب] أدب القاضي الذي جمعه القاضي الإمام أبو بكر أحمد بن عمر الخصاف ﵀ -نكتة وجيزة، فيه ما يحتاج الناظر إليها للتفهم. فأجبتهم إلى ذلك مستعينا بالله تعالى، وعددت أبوابه فكانت مائة وعشرين بابا؛ لاندراج بعض الأبواب [في البعض] وفصلته في ابتدائه؛ كيلا يتعذر على من يروم مسألة [وبالله التوفيق].
* * *
1 / 114
[فهرست الأبواب]
الباب الأول: في الدخول في القضاء.
الباب الثاني: في الإكراه على القضاء.
الباب الثالث: في الرخصة في القضاء.
الباب الرابع: في اجتهاد الرأي في القضاء.
الباب الخامس: في ما ابيح للقاضي من الاجتهاد [وما ينبغي له أن يعمل به].
الباب السادس: في قبض المحاضر من ديوان القاضي المعزول.
الباب السابع: في القاضي يقضى في المسجد.
الباب الثامن: في القاضي يجلس معه غيره.
الباب التاسع: في القاضي يشاور.
الباب العاشر: في الحكم وفصل الخطاب.
الباب الحادي عشر: في القضاء وهو غضبان.
الباب الثاني عشر: في القاضي إذا جاع.
الباب الثالث عشر: في القاضي يأخذ الرزق.
1 / 115
الباب الرابع عشر: في الرشوة في الحكم.
الباب الخامس عشر: في القاضي يسلم على الخصوم.
الباب السادس عشر: في القاضي يولي القضاء فيأتيه رجل [فيقر عنده بشيء أو يقول: لي حق في البلد الذي وليته، وقد وكلت هذا الرجل عندك يطلب لي حقي، والقاضي في المصر الذي فيه الخليفة، أو في مصر آخر قبل أن يصل إلى عمله].
الباب السابع عشر: في القاضي ينظر [في] القصص.
الباب الثامن عشر: في القاضي يقوم على رأسه الجلواز.
الباب التاسع عشر: في التسوية بين لخصمين.
الباب العشرون: في القاضي يؤتى في منزله.
الباب الحادي والعشرون: في اليمين.
الباب الثاني والعشرون: في استحلاف أهل الذمة.
الباب الثالث والعشرون: في ما لا تجب فيه اليمين.
الباب الرابع والعشرون: في رد الإيمان.
الباب الخامس والعشرون: في اليمين على العلم.
الباب السادس والعشرون: في من قال تقبل البينة [بعد] اليمين.
الباب السابع والعشرون: في المدعي يقول ليس لي شهود.
1 / 116
الباب الثامن والعشرون: في النكول عن اليمين.
الباب التاسع والعشرون: في أخذ الكفيل.
الباب الثلاثون: في العدوى.
الباب الحادي والثلاثون: في الحبس في الدين وغيره.
الباب الثاني والثلاثون: في الحجر بسبب الدين.
الباب الثالث والثلاثون: في حجر الفساد.
الباب الرابع والثلاثون: في المسألة عن الشهود.
الباب الخامس والثلاثون: في الرجل يسأل عن الشهود.
الباب السادس والثلاثون: في المدعي عليه يعدل الشهود.
الباب السابع والثلاثون: في الملازمة.
الباب الثامن والثلاثون: في ما ينبغي للقاضي أن يعمل [به].
الباب التاسع والثلاثون: في القاضي يقضى بعلمه.
الباب الأربعون: في القاضي يجد في ديوانه شيئا لا يحفظه.
الباب الحادي والأربعون: في القاضي ترفع إليه قضية قاض مما
1 / 117
لا ينفذها.
الباب الثاني والأربعون: في ما لا ينفذها.
الباب الثالث والأربعون: في القاضي يقضى زمانا ثم يعلم أنه ممن لا يجوز قضاؤه.
الباب الرابع والأربعون: في موت الخليفة.
الباب الخامس والأربعون: في الخوارج يولون قاضيا.
الباب السادس والأربعون: في القاضي يستخلف رجلا.
الباب السابع والأربعون: في القاضي يعزل فيطالب بشيء مما كان فعله.
الباب الثامن والأربعون: في القاضي يقضى ثم يرى بعد ذلك خلافه.
الباب التاسع والأربعون: في ما يحله قضاء القاضي وما لا يحله.
الباب الخمسون: في ما ينبغي للقاضي أن يضمه على يدي عدل إذا [هو] خوصم إليه.
الباب الحادي والخمسون: في ما لا يضمه القاضي على يدي عدل إذا هو خوصم إليه.
الباب الثاني: والخمسون: في ما يدعي في يدي رجل من الرقيق وغيره.
الباب الثالث والخمسون: في الرجلين يدعيان الشيء، كل واحد
1 / 118
منهما يدعيه [كله، ويقيم البينة أنه له، وليس هو في يد واحد منهما].
الباب الرابع والخمسون: في الرجلين يدعيان الشيء وهو في أيديهما.
الباب الخامس والخمسون: في الرجل في يده عبد فيدعيه رجل.
الباب السادس والخمسون: في الرجل يدعى الشيء أن أباه مات، وتركه [ميراثا].
الباب السابع والخمسون: في القاضي لمن يجوز قضاؤه.
الباب الثامن والخمسون: في ما يكون الرجل [فيه] خصما.
الباب التاسع والخمسون: في كتاب القاضي إلى القاضي.
الباب الستون: في ما لا ينبغي للقاضي أن يكتب به.
الباب الحادي والستون: في القاضي يرد عليه كتاب من قاض.
الباب الثاني والستون: في الرجل يريد أن يكتب وصية، والشهادة عليها.
الباب الثالث والستون: في ما يجوز من فعل الموصي.
الباب الرابع والستون: في الرجل يوصى إلى رجلين.
1 / 119
الباب الخامس والستون: في الرجل يوصي إلى من لا تجوز إليه الوصية.
الباب السادس والستون: في ما لا يجوز من فعل الموصي في مال اليتيم.
الباب السابع والستون: في ما يكون قبولا للوصية، وما يكون ردا لها.
الباب الثامن والستون: في إثبات الوكالة.
الباب التاسع والستون: في الشهادة على الوكالة.
الباب السبعون: في ما لا تجوز فيه الوكالة.
الباب الحادي والسبعون: في الرجل يريد سفرا وهو مطلوب.
الباب الثاني والسبعون: في إثبات النسب.
الباب الثالث والسبعون: في إثبات الدين والحقوق على الميت.
الباب الرابع والسبعون: في الرد بالعيب.
الباب الخامس والسبعون: في الشفعة.
الباب السادس والسبعون: في الخصمين يحكمان بينهما حكما.
الباب السابع والسبعون [في الإقرار بالمال عند القاضي].
1 / 120
الباب الثامن والسبعون: في الحكومة على أهل الكفر.
الباب التاسع والسبعون: في القسمة.
الباب الثمانون: في دعوى بعض الورثة الغلط في القسمة.
الباب الحادي والثمانون: في نكاح الصغيرة.
الباب الثاني والثمانون: في نكاح الكبيرة.
الباب الثالث والثمانون: في المطالبة بمهر المرأة.
الباب الرابع والثمانون: في العنين والمجبوب.
الباب الخامس والثمانون: في من قال إذا [تم] أجل العنين خيرت المرأة.
الباب السادس والثمانون: في من قال لامرأة العنين الصداق.
الباب السابع والثمانون: في من قال إذا وصل إلى امرأته فلا خيار لها.
الباب الثامن والثمانون: في المجبوب.
الباب التاسع والثمانون: في الرجل بغيب عن امرأته فتطلب النفقة.
الباب التسعون: في نفقة المرأة.
الباب الحادي والتسعون: في نفقة المطلقة.
الباب الثاني والتسعون: في نفقة الصبيان.
الباب الثالث والتسعون: في نفقة الأبوين وعلى ذي الرحم المحرم.
1 / 121
الباب الرابع والتسعون: في الرجل يطلب النفقة عن أبيه.
الباب الخامس والتسعون: في العبد يتزوج وما يلزمه من النفقة.
الباب السادس والتسعون: في امرأة المفقود وولده.
الباب السابع والتسعون: في نفقة المرأة [يشهد الشهود على طلاق زوجها إياها].
الباب الثامن والتسعون: في الولد من أولى به.
الباب التاسع والتسعون: في الرجل يطلق المرأة ولها منه ولد، فيريد أن يخرج بالولد.
الباب المائة: في الغلام والجارية إذا بلغا يخيرهما.
الباب الحادي والمائة: في الرجل يشهد على النسب.
الباب الثاني والمائة: في الرجل يجوز أن يشهد على من لم يدركه.
الباب الثالث والمائة: في الشهادة على النكاح.
الباب الرابع والمائة: في الشهادة على العتق.
الباب الخامس والمائة: في الشهادة على ملك من لم يدركه والظنين ودافع المغرم.
الباب السادس والمائة: في الرجل يرى خطه ولا يذكر الشهادة.
1 / 122
الباب السابع والمائة: في شهادة الأخ وشهادة الولد، وشهادة المختبى وشهادة الوصي و[شهادة] العبد.
الباب الثامن والمائة: في شهادة الخصى والاقلف وولد الزنى.
الباب التاسع والمائة: في شهادة السمع.
الباب العاشر والمائة: في الرجلين يدخلان بين القوم.
الباب الحادي عشر والمائة: في شهادة الأعمى والمقطوع في السرقة والمحدود في القذف.
الباب الثاني عشر والمائة: في النصراني والعبد. [إذا حد] ثم اسلم النصراني أو اعتق العبد.
الباب الثالث عشر والمائة: في شهادة الكفار والعبد والذمي وأهل الكتاب على وصية المسلم، وشاهد ويمين، والشهادة على الشهادة.
الباب الرابع عشر والمائة: في الشهادة على الحدود.
الباب الخامس عشر والمائة: في الرجوع عن الشهادة.
الباب السادس عشر والمائة: في الشهادة على الحقوق والشهادة على الشهادة.
الباب السابع عشر والمائة: في البراءة والشهادة عليها.
1 / 123
الباب الثامن عشر والمائة: في دعوى الرجلين وشهادة الغرماء.
الباب التاسع عشر والمائة: في شهادة الزور وما يصنع فيها.
الباب العشرون والمائة: في المرأة تخاصم زوجها في ولدها.
[تم الفهرست]
* * *
1 / 124
[ما يحتاج إليه لمعرفة أدب القاضي]
[١] قال ﵁:
يحتاج لمعرفة أدب القاضي إلى معرفة تفسير القضاء لغة وشرعا، وإلى معرفة أهل القضاء، وإلى معرفة من يجوز تقليد القضاء منه، ومن لا يجوز، وإلى معرفة جواز الدخول في القضاء.
[معنى القضاء]
[٢] أما تفسير القضاء لغة: فالقضاء لغة: يعبر عن أشياء:
عن اللزوم، ولذلك سمي الحاكم قاضيا؛ لأنه يلزم الناس الأحكام.
وعن التقدير؛ يقال: قضى على فلان بالنفقة، أي قدرها عليه.
وعن الأمر؛ قال الله تعالى:
﴿وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه﴾.
1 / 125
أي أمر ربك.
وفي متعارف الشرع يراد بالقضاء: فصل الخصومات، وفصل المنازعات.
[أهلية القضاء]
[٣] وأما أهلية القضاء فأهل القضاء من كان علما بالكتاب والسنة واجتهاد الرأي، حتى لا ينبغي أن يقلد القضاء ما لم يكن عالمًا بالكتاب والسنة واجتهاد الرأي، ثبت ذلك بالنص والمعقول:
[٤] أما النص: فما روى عن النبي ﷺ -أنه [لما] بعث معاذًا ﵁ -إلى
1 / 126
اليمن قال له:
"بم تقضي يا معاذ؟ "
قال: بكتاب الله تعالى
قال: "فإن لم تجد؟ "
قال: فبسنة رسوله.
قال: "فإن لم تجد؟ "
قال: أجتهد في ذلك رأيي.
فقال رسول الله ﷺ: "الحمد لله الذي وفق رسول رسوله لما يرضى به رسوله".
1 / 127
[٥] وأما المعقول:
فإن القاضي مأمور بالقضاء بالحق:
قال الله تعالى:
﴿يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق﴾.
وإنما يمكنه القضاء بالحق إذا كان عالما بالكتاب والسنة واجتهد الرأي؛ لأن الحوادث ممدة والنصوص معدودة، فلا يجد القاضي في كل حادثة نصا يفصل به الخصومة، فيحتاج إلى استنباط المعنى من النصوص، وإنما يمكنه ذلك إذا كان عالما بالاجتهاد.
ثم الاجتهاد إنما يكون حجة إذا لم يكن مخالفا للكتاب والسنة.
وإنما يمكنه أن يعرف أنه لم يخالف الكتاب والسنة إذا كان عالما بالكتاب والسنة.
فصار العلم بهذه الجملة شرطا.
وذكر الخصاف [﵀] شرطا آخر: وهو أن يكون عدلا،
1 / 128
وهو مذهب الشافعي ﵁ -إلا أن الشافعي شرط العدالة شرطا لازما، حتى لو تقلد القضاء وهو غير عدل لا يصير قاضيا، ولو قضى لا ينفذ قضاؤه.
وجعل الخصاف ﵀ العدالة شرط الأولوية فإن الأولى أن يكون القاضي عدلا، كما أن الأولى أن القاضي لا يقضى بشهادة الفاسق، ومع هذا إذا قضى بشهادة الفاسق ينفذ قضاؤه، كذلك ههنا، الأولى أن لا يتقلد الفاسق القضاء، ومع هذا إذا تقلد يصير قاضيا، ولو قضى ينفذ قضاؤه.
[بيان من يجوز تقلد القضاء منه]
[٦] وأما بيان من يجوز تقلد القضاء منه فيجوز تقلد القضاء من السلطان العادل والجائز جميعا:
أما العادل فإن النبي ﷺ -بعث معاذا إلى اليمن
1 / 129
قاضيا. وولى عتاب بن أسيد أميرا على مكة.
وأما الجائر فإن الصحابة ﵃ -تقلدوا الأعمال عن معاوية بعد ما أظهر الخلاف مع علي ﵁، والحق مع علي ﵁ -في توبته.
1 / 130
لكن أنما يجوز تقلد القضاء من السلطان الجائر إذا كان يمكنه من القضاء بحق.
وأما إذا كان لا يمكنه فلا، لما روي عن الحكم بن عمرو الغفاري أنه أتاه كتاب معاوية، وكان فيه:
أن أمير المؤمنين يأمرك أن تصطفى له الصفراء والبيضاء.
فقال: سبق كتاب الله تعالى كتاب [أمير المؤمنين] معاوية، وتلا قوله تعالى:
﴿واعلموا أن ما غنمتم من شيء [فإن لله خمسة] …﴾ الآية.
ثم صعد المنبر وقال:
يا أيها الناس: لقد أتاني كتاب أمير المؤمنين، وقد أمرني أن
1 / 131
صفى له الصفراء والبيضاء، وقد سبق كتاب الله [تعالى] كتاب معاوية، وأني قاسم لكم ما أفاء الله عليكم، إلا فليقم كل واحد منكم فليأخذ حقه، ثم قال اللهم اقبضني إليك، فما عاش [بعد ذلك] إلا قليلا.
[جواز الدخول في القضاء مختارا]
[٧] وأما جواز الدخول في القضاء [فقد] اختلفوا فيه:
فمنهم من قال: يجوز الدخول فيه مختارا؛ لأن الأنبياء، والرسل، والخلفاء الراشدين اشتغلوا به [باختيارهم]. ولأن
1 / 132