وفى مكتبة لاين الطبية بجامعة ستانفورد الأمريكية، ثلاثة مجلدات من الكتاب مؤرَّخة بسنة ٦٤١ هجرية، فأرسلت فى طلبها وإعلامى بالمصروفات، فجاء خطابٌ لطيف يشكرنى على اهتمامى بهذا التراث! ويدلنى على بعض البحوث فى هذا الموضوع، ومع الخطاب صورة من مقال نشرته الصحافة الأمريكية فى الثلاثينيات عن هذه المخطوطات الثلاث بالذات عنوانه: كنوز المخطوطات الطبية هنا. وطلبت المكتبة مبلغًا معقولًا بالدولارات، ولم تكن السوق المصرفية المصرية قد افتتحت بعد، ورفضت البنوك تحويل المبلغ (حفاظًا على اقتصاد الوطن) فرحت أتسكع فى ميدان المنشية بالإسكندرية، حتى صادفنى تاجرُ عملة، حصلت منه على المبلغ المطلوب، وأرسلته نقدًا فى خطابٍ مسجل، وأنا أرتجف، فوصل المبلغ ووصلنى طردٌ صغير به صورة ميكروفيلمية من المخطوطات، فى نفس الوقت الذى وصلتنى فيه ميكروفيلمات البودليان.. فكانت الواقعة.
أرسلت لى هيئة البريد خطابًا مستعجلا فذهبت أدور على المكاتب وأُواجه تحقيقا إداريًا غبيًا من الموظفين: ما هذه الأشرطة؟ وما هى صلتك بانجلترا وأمريكا؟ وهل حصلت على تصريح خاص من المخابرات؟ وإلى ماذا تهدف من الحصول على هذه الميكروفيلمات؟ .. وظللت أشرح وأشرح، حتى بدأ لى أنهم اقتنعوا. لكنهم طلبوا تصريحًا من جهاز المراقبة على المصنفات الفنية، كى يسلِّموها لى! ثم كان الزمان كريمًا، فوقعت على
1 / 18