149

Shama'il al-Rasul

شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

خپرندوی

دار القمة

د ایډیشن شمېره

-

د خپرونکي ځای

الإسكندرية

ژانرونه

الفائدة الثالثة: كان الصحابة الذين يعيشون مع النبي ﷺ في المدينة يتحرجون من سؤال النبي، بينما لا يتحرج الأعراب من ذلك، وذلك لتأثرهم بالبيئة التي يعيشون فيها، وقلة صحبتهم للنبي، وكان الصحابة يفرحون أن يأتي الأعرابي فيسأل النبي عن أشياء، وهم جلوس يستمعون، كما قال أنس بن مالك ﵁: نهينا أن نسأل رسول الله ﷺ عن أشيء، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع ... الحديث «١» . الفائدة الرابعة: في الدعاء: أ- بيان أنّ الدعاء لا يكون إلا لله ﷾ ، فهو القادر وحده على جلب النفع، ودفع الضر، فمع قلة علم الأعراب وفقههم، يدخل الأعرابي المسجد، ويقول للرسول: (فادع الله لنا)، ولو كان أحد يمكن أن يدعى من دون الله، لكان أولى الناس بأن يدعى، هو النبي ﷺ؛ لعظيم فضله، ولكان أولى الناس أن يتوجهوا له بالدعاء، هم أصحابه لأنهم أعلم الناس بمكانته، فلما لم يفعل الصحابة ذلك، مع وجود النبي ﷺ بينهم، علمنا قطعا أن الدعاء لا يكون إلا لله وحده؛ لأنه من العبادة، بل هو من أعظم العبادة، قال تعالى: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: ٦٠] فأطلق العبادة على الدعاء، من باب إطلاق الكل على الجزء؛ لبيان عظيم شأنه، ولو كان أحد يدعى مع الله، لبينت الآية ذلك، ولكن الله قال: ادْعُونِي. كما بينت الآية أن الدعاء من مقتضيات الربوبية، فالرب هو الذي خلق ورزق وربى، فكيف نتوجه لغيره بالدعاء؟! لا شك أن ذلك من نواقض توحيد الرب ﵎. كما بينت الآية الكريمة الجزاء العظيم لمن يستكبر عن دعاء الرب ﵎: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ [غافر: ٦٠] . ويتفرع على عدم جواز دعاء النبي ﷺ، عدم جواز دعاء غيره من باب أولى، وقد بين الله ﵎ سخف من يدعو غيره، فقال ﷾: أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ [الإسراء: ٥٧]، فبينت الآية أن هؤلاء الذين يتوجه الناس إليهم بالدعاء، هم أنفسهم يتقربون إلى الله بكل أنواع الطاعات تزلفا إليه وقربى، كما بين الله ﷾ في آية أخرى ضلال من يدعو أحدا غيره، وذلك في قوله تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ

(١) أخرجه البخاري، رقم (٢٦٣)، ومسلم (١٢) واللفظ له.

1 / 154