54

شیکسپیر ته معرفي

التعريف بشكسبير

ژانرونه

والأمر في رسالة شكسبير أكبر من أمر الترجمة عن الإنسان، وأكبر من أمر تصويره أو وصفه أو التعبير عنه؛ لأن ذلك كله قد يصنعه الشاعر ولا يبلغ من المنزلة الأدبية - الإنسانية - أن ينفرد بتمثيل العصر كله، وأن يمتاز برسالة الدعوة بين لفيف من دعاتها الممتازين.

إنما كانت رسالة شكسبير في دعوة الإنسانيين «خلقا فنيا» للطبيعة الإنسانية ولم تكن مجرد تصوير لها أو تعبير عنها.

والفرق بين الرسالتين واضح محسوس يلمسه من يريد أن يتحراه بنفسه في كل آونة.

فليس من النادر أن نعرف إنسانا فنصوره بصفة غالبة عليه، أو نصوره بجميع صفاته التي يدركها عارفوه.

وليس من النادر أن نعبر عنه ونقول بألسنتنا ما يقوله هو بلسانه، ولكن النادر أن نخلق صورة منه وندعها ماثلة في عالم الكتابة تعيش كما يعيش الأحياء ، وتحيا لو نفخ الله فيها روح الحياة فإذا هي نسخة أخرى من صاحبها في قوله وعمله وفي سره وعلنه، وفي خاصة نفسه وفيما يرتبط به مع الناس من مجاوبة في الشعور ومعاملة في الخير والشر والموالاة والعداء.

فرق بين خلق الشخصية وبين الحكاية عنها بالوصف أو بالتعبير، وخلق الشخصية في عالم الفن هو رسالة شكسبير في دعوة الإنسانيين، وأي شخصية؟ شخصية الإنسان في طبيعته المتنوعة المتقلبة حيثما كان وكيفما كان.

مئات من الرجال والنساء والأطفال، في كل سن، ومن كل مزاج، وعلى كل حالة، وبين كل طبقة، تجمعهم تصانيف شكسبير.

منهم الطيب والخبيث، ومنهم الصريح الجلي والغامض الخفي، ومنهم الطامع والقانع، ومنهم العظيم والحقير، ومنهم من يعرض في حالة الفرح والرضا ومن يعرض في حالة الحزن والسخط، ومن يعرض في جميع الحالات، وكلهم يتكلمون كما ينبغي أن يتكلموا ويعملون كما ينبغي أن يعملوا، ويعيشون بأنفسهم في أخلادنا ولا يعيشون بمجرد الكلام الذي قالوه والصنيع الذي مثلوه، أو كما يقول أديب فرنسي مفرقا بين شخصيات راسين وشخصيات شكسبير: «إن الأولى تنقضي بعد نزول الستار، ولكن شخصيات شكسبير تلبث لحظة على المسرح وتمضي فنحس أنها لا تزال باقية وأننا قد نلتقي بها مرة أخرى.»

2

ولا تزول الغرابة في إبداع هذه الصور لأبطاله من الرجال؛ لأنه رجل ينبغي أن يعرف كل رجل، فإن الإنسان ليعجز عن خلق صورة فنية لنفسه وهو أعرف بها من غيره، فليس في مقدوره - لأنه رجل - أن يخلق في عالم الفن رجالا من الملوك والساسة من العظماء والحقراء، ومن رجال الدين ورجال الدنيا، ومن الشيوخ والشبان، ومن الخيرين والأشرار، ومن العاملين على كره والعاملين على اختيار.

ناپیژندل شوی مخ