وبعد هذه الفترة من الفراغ في سيرة وليام نسمع به في سنة 1591، ونعلم أن هذه السنة كانت نهاية السنوات العجاف في حياته، وأنه قد انتظم في صناعة التمثيل والتأليف، وعمل في أكبر الفرق التمثيلية وهي فرقة الإيرل أڤ لسيستر التي من أجلها أباحت الملكة اليصابات إقامة المسارح في العاصمة.
وهنا محل لاستقصاء فرض من الفروض التي ذهب إليها مؤرخوه ليملأوا به فراغ السيرة في السنوات الخالية، ولكنه فرض له سند من الواقع والاحتمال جدير بالالتفات إليه من طرفيه.
فمن المحقق أن وليام لم يشتغل بالتمثيل في تلك الفرقة إلا بعد تمهيد طريقه إلى قصر آل لسيستر للظفر بالشهادة التي لا غنى عنها لمن يريد أن يشتغل بالتمثيل ولا يحسب - في رأي الشرطة - من طغمة الشذاذ والأفاقين.
ومن المحقق أن «لسيستر» غادر لندن على رأس بعثة عسكرية إلى الأرض الواطئة لمؤازرة الهولنديين في حربهم للدولة الإسبانية، وكانت مغادرته للعاصمة في سنة 1585 التي انقطعت فيها أخبار وليام من القرية ومن العاصمة ومن كل مكان في الجزيرة البريطانية.
ومن المحقق أن لسيستر قد استدعى للسفر في حاشيته الممثل الهزلي كمبس
Kemps
الذي كان نديمه المختار من رجال فرقته وكان في قصره بمثابة «المضحك» الخاص في قصور الملوك الأقدمين، ولا يبعد أن يكون قد صاحبه في تلك البعثة أيضا خمسة من ممثليه الذين زاملهم شكسبير بعد ذلك في الفرقة التمثيلية؛ لأن هؤلاء الممثلين الخمسة - وبينهم أشهرهم جورج بريان - كانوا يستدعون للتمثيل في القصور الملكية بين سنتي 1586، 1587 ويقيمون الحفلات في بلاط الدانمرك وبلاط سكسونية، كما جاء في أخبار دعوات البلاط بالمملكتين.
ويلاحظ أن «كمبس» الذي لا شك في سفره مع لسيستر في بعثته إلى هولندة كان مقيدا في هذه البعثة باسم دون جولهلم
Gulihelmo
ولم يقيد باسمه المشهور بين رواد المسرح؛ فلا يبعد أن يكون وليام وزملاؤه - في المستقبل - قد دخلوا هذه البعثة بأسماء غير أسمائهم المتداولة في غير السجلات العسكرية، وأنه مهد طريقه إلى صحبة لسيستر أثناء غيابه عن البلاد الإنجليزية؛ لأن التعرف إلى هذا القائد النبيل صاحب المقام الأول والحظوة الأثيرة في البلاط لا يتم بعد عودته من القارة في وقت قصير.
ناپیژندل شوی مخ