<div dir="rtl" id="book-container">
الروايات المنتهية إليه بالاتصال والعنعنة سواء كانت من لفظه - صلى الله عليه وسلم - أو كانت أحاديث موقوفة قد صحت الرواية بها عن جماعة من الصحابة والتابعين بحيث يبعد أقدامهم عن الجزم بمثله لولا النص أو الإشارة من الشارع بمثل ذلك رواية عنه - صلى الله عليه وسلم - دلالة وتلقي تلك الروايات لا سبيل إليه في يومنا هذا إلا تتبع الكتب المدونة في علم الحديث فإنه لا يوجد اليوم رواية يعتمد عليها غير مدونة وكتب الحديث على طبقات مختلفة ومنازل متباينة فوجب الاعتناء بمعرفة طبقات كتب الحديث فنقول: هي باعتبار الصحة والشهرة على أربع طبقات وذلك لأن أعلى أقسام الحديث كما عرفت فيما سبق ما ثبت بالتواتر وأجمعت الأمة على قبوله والعمل به ثم استفاض من طرق متعددة لا يبقى معها شبهة يعتد بها واتفق على العمل به جمهور فقهاء الأمصار أو لم يختلف فيه علماء الحرمين خاصة فإن الحرمين محل الخلفاء الراشدين في القرون الأولى ومحط رحال العلماء طبقة بعد طبقة يبعد أن يسلموا منهم الخطأ الظاهر أو كان قولا مشهورا معمولا به في قطر عظيم مرويا عن جماعة عظيمة من الصحابة والتابعين ثم ما صح أو حسن سنده وشهد به علماء الحديث ولم يكن قولا متروكا لم يذهب إليه أحد من الأمة أما ما كان ضعيفا أو موضوعا أو منقطعا أو مقلوبا في سنده أو متنه أو من رواية المجاهيل أو مخالفا لما أجمع عليه السلف طبقة بعد طبقة فلا سبيل إلى القول به فالصحة أن يشترط مؤلف الكتاب على نفسه إيراد ما صح أو حسن غير مقلوب ولا شاذ ولا ضعيف إلا مع بيان حاله فإن إيراد الضعيف مع بيان حاله لا يقدح في الكتاب؛ والشهرة أن تكون الأحاديث المذكورة فيها دائرة على ألسنة المحدثين قبل تدوينها وبعد تدوينها فيكون أئمة الحديث قبل المؤلف رووها بطرف شتى وأوردوها في مسانيدهم ومجاميعهم وبعد المؤلف اشتغلوا برواية الكتاب وحفظه وكشف مشكله وشرح غريبه وبيان إعرابه وتخريج طرق أحاديثه واستنباط فقهها والفحص عن أحوال رواتها طبقة بعد طبقة إلى يومنا هذا حتى لا يبقى شيء مما يتعلق به غير مبحوث عنه إلا ما شاء الله ويكون نقاد الحديث قبل المصنف وبعده وافقوه في القول بها وحكموا بصحتها وارتضوا رأي المصنف فيها وتلقوا كتابه بالمدح والثناء ويكون أئمة الفقه لا يزالون يستنبطون منها ويعتمدون عليها ويعتنون بها ويكون العامة لا يخلون عن اعتقادها وتعظيمها وبالجملة فإذا اجتمعت هاتان الخصلتان كلاهما في كتاب كان من الطبقة الأولى ثم، وثم، وإن فقدتا رأسا لم يكن له اعتبار وما كان أعلى عد في الطبقة الأولى بأنه يصل إلى حد التواتر وما دون
مخ ۳۲