104

ولم يفرغ القارئ من تلاوة الكتاب حتى ضج الناس وعلت الضوضاء، ولا تسل عن شجرة الدر وما

أصابها لما سمعت ذلك، لكنها كانت عاقلة حازمة، فلما سمعت أمر الخليفة وعلمت أنه لا مندوحة

لها عن العمل به، تجلدت وأومأت إلى الحاجب أن يزيح الستر المنصوب بينها وبين المجلس، فأزاحه

والتفت الناس نحو السرير وتهيبوا، ولبثوا ينتظرون ما يبدو من شجرة الدر بعد تلاوة الكتاب،

فإذا هي تقول: «يا معشر الأمراء، قد سمعتم ما أمر به أمير المؤمنين، وطاعته فرض على كل

مسلم. قد صدق - حفظه الله - فإن النساء لا يصلحن للسلطنة، وأنا لم أقبل هذا المنصب إلا

عملا برأيكم أيها الأمراء والقواد ورغبة في استقرار الأحوال بعد اضطرابها، أما الآن وقد

استقرت الأمور وسمعنا رأي مولانا الخليفة، فإني أخلع نفسي وأطلب منكم أن تختاروا من ترونه

ليتولى هذا الأمر، وأنا أول من يخضع له.»

فاستحسن محبوها هذا التنازل منها؛ لأنه دل على كبر نفسها وسعة عقلها، ولم تستحسنه سلافة؛ لأنها كانت تحب أن تتردد فينزلوها كرها، على أنها فرحت بخلعها. ولما فرغت شجرة الدر من قولها، خرج صوت من وراء حجاب يقول: «لا نقبل

ناپیژندل شوی مخ