په بروکلین کې وده کونکی ونه
شجرة تنمو في بروكلين
ژانرونه
الباب الثالث
15
وكان البيت الجديد يشتمل على أربع حجرات، تؤدي كل منها إلى الأخرى، فسموها لذلك عربات السكة الحديد، وكان المطبخ الضيق العالي يواجه الفناء الذي يشتمل على ممر رصف بالبلاط، يحيط مربعا من الأرض الشكسة، التي تشبه الأسمنت والتي لا يمكن لنبات أن ينمو فيها.
ولكن كانت هناك تلك الشجرة تنمو في الفناء، وكانت غصونها ترتفع إلى الطابق الثاني فحسب، حين رأتها فرانسي أول مرة، وكانت تراها إذا نظرت إلى أسفل من نافذتها، وهذه الشجرة شبيهة بحشد متزاحم من الناس، على اختلاف الأحجام، يقفون باسطين المظلات اتقاء المطر.
وفي مؤخرة الفناء قائمة خشبية هزيلة لنشر الملابس، تتفرق منها صفوف ستة من حبال الغسيل ذوات البكر مؤدية إلى ست من نوافذ المطابخ، وكان صبية الجيران يحصلون على مصروفهم بتسلقها، وإعادة الحبل إلى بكرته حين ينزلق منها.
وكان من المعتقد أن الصبية يتسلقون القائمة الخشبية في منتصف الليل، وينسلون إلى الحبل ويخرجونه عن بكرته، ليضمنوا السنتات العشرة في اليوم التالي.
والحبال العامرة بالملابس كانت تبدو جميلة في اليوم المشمس الذي تهب فيه الريح، فتمتلئ الملاءات البيضاء المربعة بالهواء كأنها شراع في أحد القوارب التي توصف في القصص والروايات، على حين تأخذ الملابس الحمراء والخضراء والصفراء، تناضل مع المشابك الخشبية كأنها تنبض بالحياة.
وكانت القائمة الخشبية تستند إلى جدار من الآجر، وهذا الجدار كان جانب مدرسة الحي الخالي من النوافذ، ووجدت فرانسي حين دققت النظر أنه لم يكن هناك قالبان من الآجر متشابهين تمام التشابه، وإنما رصت القوالب في اتساق ترتاح له العين، تتخللها خطوط رفيعة من فتات الملاط الأبيض، تتألق حين تسطع عليها أشعة الشمس، وكانت فرانسي حين تتكئ بخدها عليها تستشعر الدفء وتستروح المسام التي تتخللها، وكانت هذه القوالب أول ما يستقبل المطر، فتنبعث منها رائحة الصلصال الندي التي تشبه رائحة الحياة ذاتها، وبوادر الثلج في الشتاء أرق من أن تستقر على جوانب الطرق، فتتعلق بسطح الآجر الخشن، وتبدو كأنها نسيج هفهاف من صنع الجنيات.
وثمة أربع أقدام من فناء المدرسة كانت تواجه فناء فرانسي، ويفصلها عنها سور من شبك الحديد، وحاولت فرانسي أن تنزل إلى الفناء في وقت فسحة المدرسة في المرات القليلة التي تذهب لتلعب فيها في الفناء (حين يخلو من الصبي الذي يسكن في الطابق الأرضي، والذي لا يسمح لأحد بالدخول إليه حين يكون هو فيه) وراقبت حشد الأطفال وهم يلعبون في الفناء، وكان وقت الفسحة يقتضي أن يحشد مئات الأطفال، في ذلك الفناء الصغير المرصوف بالأحجار والمحوط من كل جانب، ثم يطلق سراحهم مرة أخرى. وحدث ذات مرة أن ضاق الفناء بالألعاب، فثار الأطفال غاضبين، وأخذوا يصرخون صراخا منتظما رتيبا استمر خمس دقائق، ثم توقف فجأة، كأنما قطع بسكين حادة حين دق جرس انتهاء الفسحة، وانقضت بعد الجرس لحظة سكون كسكون القبور، تجمدت فيها الحركة ثم استحال الشغب إلى تدافع، وبدا الأطفال قلقين متهالكين على الدخول، كما كان شأنهم في الخروج، واستحال الصراخ العالي إلى ولولة ذليلة مكتومة، وهم يناضلون في سبيل العودة إلى أماكنهم.
وكانت فرانسي في فناء البيت ذات عصر، حين خرجت فتاة إلى فناء المدرسة، وخبطت مساحتي السبورة في اهتمام لتنفض عنهما غبار الطباشير، وبدا لفرانسي التي كانت تراقب عن كثب من خلال الشبيكة الحديدية، أن ذلك هو أروع عمل ابتدعه إنسان، وأخبرتها أمها أن ذلك كان عملا تخص به المدرسات تلميذاتهن «المدللات»، وأقسمت فرانسي التي فهمت أن كلمة «مدللات»، تعني الحيوانات المستأنسة التي تدللها كالقطط والكلاب والطيور، أنها حين تبلغ سن دخول المدرسة، ستموء وتنبح وتسقسق بأحسن ما تستطيع ، حتى تدخل في زمرة المدللات وتنفض مساحتي السبورة بين يديها.
ناپیژندل شوی مخ