203

په بروکلین کې وده کونکی ونه

شجرة تنمو في بروكلين

ژانرونه

وهكذا حدث أن مد لهم جوني يد العون.

لم يستطع ماكجريتي صاحب الحانة أن ينتزع جوني من فكره، ولم يكن ضمير ماكجريتي هو الذي يعذبه ... لا ... لا شيء من هذا القبيل، فإنه لم يكن يجبر الرجال على دخول حانته، صحيح أنه كان يشحم مفصلات الباب تشحيما جيدا حتى إن أقل لمسة تفتح الباب بسهولة، ولكنه لم يكن يقدم أي نوع آخر من الإغراء أكثر مما يقدمه أصحاب الحانات الأخرى، ولم يكن غداؤه المجاني أفضل من غدائهم، ولم تكن هناك أية تسلية مغرية غير تلك التي يسهم بها الزبائن باختيارهم، أجل ... لم يكن ضميره هو الذي يقلقه.

لقد افتقد جوني، ذلك كل ما في الأمر، ولم يكن المال هو السبب أيضا؛ لأن جوني كان مدينا له دائما، ولكنه كان يحب وجود جوني في حانته؛ لأنه يضفي على الحانة ميزة ونفحة، لقد كان مما ترتاح إليه النفس أن يرى المرء ذلك الشاب الممشوق القوام، يقف في مرح إلى مائدة الشراب بين سائقي العربات وحفاري الخنادق، وسلم ماكجريتي قائلا: كان جوني نولان بلا شك يمعن في الشراب إلى حد الإضرار بصحته، ولكنه إذا لم يشرب الخمر في حانتي فقد يشربها في مكان آخر، غير أنه لم يكن رجلا شرسا، ولم يألف قط أن يسب أو يصيح بعد أن يشرب القليل من الخمر، وقرر ماكجريتي قائلا: نعم ، لقد كان جوني رجلا رضي الخلق من كل ناحية.

والشيء الذي افتقده ماكجريتي هو حديث جوني، وقال بينه وبين نفسه: كيف كان الحديث يواتي ذلك الرفيق، وما السر في أنه يحكي لي عن حقول القطن القائمة هناك في الجنوب أو عن الشواطئ العربية أو عن فرنسا المشمسة، كأنما كان يعيش فيها ولا يتلقى معلوماته عنها من تلك الأغاني التي كان يعرفها.

وحدث نفسه متفكرا: كنت أحب بلا شك أن أسمعه يحكي عن تلك الأماكن البعيدة، ولكني كنت أحب أكثر ما أحب أن أسمعه يحكي عن أسرته.

وماكجريتي ألف أن يعيش في حلم يدور حول أن تكون له أسرة، وكانت أسرة الأحلام تلك، تقطن بعيدا كل البعد عن حانته، أجل بعيدا كل البعد حتى إنه كان يضطر إلى القفز إلى عربة التروللي ليعود إلى بيته في الصباح الباكر بعد أن يغلق الحانة، وكانت زوجة الأحلام الرقيقة تنتظره وقد أعدت له القهوة الساخنة وشيئا من الطعام الشهي، وبعد أن يتناولا الطعام يتكلمان؛ يتكلمان عن أشياء أخرى غير الحانة، وكان له أطفال في الأحلام، أطفال تجلوا في حلة من النظافة والملاحة والذكاء، يشتد عودهم حتى ليساورهم شيء من الخجل؛ لأن أباهم يدير حانة، وهو فخور بخجلهم؛ لأنه كان ينم عن قدرته على إنجاب أطفال مهذبين.

أجل، كان ذلك هو الحلم الذي يراوده عن الزواج، ثم تزوج ماي، وهي فتاة محنية الظهر لها شعر أحمر داكن وفم واسع، ولكنها انقلبت بعد فترة من الزواج امرأة بدينة رثة الملابس، عرفت في بروكلين باسم «امرأة الحانة»، واستمرت حياتهما الزوجية هانئة سنة أو سنتين، ثم استيقظ ماكجريتي صباح يوم ووجد أنها حياة لا خير فيها، فلم تكن ماي خليقة بأن تتغير لتصبح زوجة أحلامه، كانت تحب الحانة، وصممت على أن يشغلا الحجرات التي تعلوها، ولم تكن ترغب في أن يستأجرا بيتا في فلاشينج؛ لأنها لم تكن تحب القيام بالأعمال المنزلية، بل تحب أن تجلس في الحجرة الخلفية للحانة ليلا ونهارا، وتضحك وتشرب مع الزبائن، وكان الأطفال الذين أنجبتهم ماي له يجرون في الشوارع كالمشاغبين المعربدين ، ويتباهون بأن أباهم يمتلك حانة، ويفخرون بها؛ مما جعله يشعر بخيبة أمل شديدة.

وكان يعلم أن ماي لا تخلص له، ولم يحفل بذلك ما دام الأمر لم ينتشر انتشارا يجعل الناس يسخرون منه، وماتت الغيرة في قلبه من سنين مضت، حين ماتت رغبته في زوجته، وغدا لا يهتم شيئا فشيئا بمعاشرتها أو معاشرة أية امرأة أخرى، وارتبط في عقله على نحو ما الحديث الممتع بالمرأة الممتعة، وكان يريد أن يجد امرأة يتحدث إليها، امرأة يستطيع أن يحكي لها أفكاره، وتبادله الحديث في حرارة وحكمة وود، وفكر في أنه إذا وجد مثل هذه المرأة لارتدت رجولته إليه، وكان يصبو على طريقته الصامتة الهائمة إلى اتحاد العقل والروح بالجسد، وبمضي السنين أصبحت حاجته إلى حديث الود مع امرأة قريبة من نفسه عقدة من العقد.

وأخذ في عمله يرقب الطبيعة البشرية، ووصل بشأنها إلى نتائج معينة، إلا أنها نتائج تنقصها الحكمة والأصالة، بل كانت في الحقيقة متعبة مملة، ولكنها هامة بالنسبة لماكجريتي؛ لأنه اكتشفها بنفسه، وحاول في سنة الزواج الأولى أن يخبر ماي بهذه النتائج، لكن كل ما كانت تقوله له هو: أستطيع أن أتصور ذلك.

وكانت تغير هذه العبارة في بعض الأحيان فتقول: أكاد أستطيع أن أتصور ذلك.

ناپیژندل شوی مخ