178

په بروکلین کې وده کونکی ونه

شجرة تنمو في بروكلين

ژانرونه

ولم يكن قد تحدث مع أسرته منذ أكثر من أسبوعين، وتذكرت فرانسي المرة الأخيرة التي قال أبوها لها شيئا، وكانت هي الليلة التي عاد فيها صاحيا يغني الأبيات الأخيرة من أغنية «مولي مالون»، وفكرت في الأمر فوجدت أن أباها لم يغن منذ تلك الليلة أيضا، كان يدخل ويخرج صامتا، ويبقى خارج البيت إلى وقت متأخر من الليل ثم يعود صاحيا، ولا يعلم أحد أين أنفق ذلك الوقت، وكانت يداه ترتعشان بشدة، ويمسك الشوكة حين يأكل بصعوبة بالغة ... ثم بدا فجأة كأنه رجل طاعن في السن.

وعاد إلى البيت بالأمس وهم يتناولون العشاء، ونظر إليهم كأنما يهم بالكلام ولكنه لم يتكلم، وأغلق عينيه لحظة ثم ذهب إلى حجرة النوم، ولم يكن يلتزم نظاما زمنيا معينا في أي شيء، كان يروح ويغدو في أوقات شاذة من النهار والليل، ويقضي الوقت حين يكون بالبيت راقدا على فراشه، بكامل ملابسه وعيناه مغلقتان.

ومضت كاتي لشأنها هادئة ساكنة، ولكن سلوكها ينبئ بوقوع الشر كأنها تحمل مأساة في طيات نفسها، وكان وجهها نحيلا تظهر فيه التجاعيد تحت خديها، ولكن جسمها كان أكثر امتلاء.

وتعهدت بالقيام بعمل إضافي في ذلك الأسبوع السابق لعيد الميلاد، فأخذت تستيقظ مبكرة عما ألفت وتشتغل في تنظيف الشقة أسرع مما درجت عليه، وتفرغ من عملها في أول فترة الأصيل، وتندفع مسرعة إلى محل جورلينج، وهو مخزن يبيع مختلف السلع في الطرف البولندي من شارع جراند، حيث كانت تشتغل من الساعة الرابعة إلى السابعة، تقدم القهوة والشطائر إلى البنات البائعات اللائي لم يكن يرخص لهن بالخروج لتناول العشاء بسبب زحمة العمل في الأيام السابقة لعيد الميلاد، وكانت أسرتها في مسيس الحاجة إلى الخمسة والسبعين سنتا التي تكسبها كل يوم.

وكانت الساعة السابعة أو نحوها حين عاد نيلي من بيع الصحف وعادت فرانسي من المكتبة، ولم يكن بالشقة نار موقدة فاضطرا إلى الانتظار حتى تعود الأم، ومعها بعض المال ليشتروا به حزمة من الخشب، ولبس الطفلان معطفيهما وقبعتيهما لشدة البرودة داخل الشقة، ورأت فرانسي أن أمها نثرت بعض الملابس على حبل الغسيل فجذبته إلى الداخل، ولكن الملابس قد تجمدت متخذة أشكالا عجيبة واستعصى إدخالها من النافذة.

وقال نيلي مشيرا إلى حلة داخلية تجمدت من الصقيع: دعيها لي.

وكانت ساقا السروال قد تجمدتا واتجهت كل ساق في ناحية، وذهبت محاولات نيلي أدراج الرياح، وقالت فرانسي: لأحطمن ساقي هذا السروال الملعون.

وضربته بعنف فتكسر وانطوى، وشدته إلى الداخل في اكتئاب، وكانت تشبه كاتي في تلك اللحظة. - فرانسي! - هيه؟ - لقد سببت ولعنت. - أنا أعلم ذلك. - لقد سمعك الله. - يا للهول! - لقد سمعك الله، إنه يسمع ويرى كل شيء. - نيلي! هل تعتقد أنه ينظر إلى داخل تلك الحجرة الصغيرة القديمة؟ - نعم، إنه يفعل أيتها الحمقاء. - لا تصدق ذلك يا نيلي، إنه مشغول جدا يرقب العصافير الصغيرة جميعا وهي تسقط، ويهتم بالأكمام الصغيرة ليعرف أتتفتح عن زهور أم لا تتفتح، فلا يجد بذلك وقتا ينفقه في تبين حالنا. - لا تتكلمي على هذا النحو يا فرانسي. - بل سأتكلم؛ إنه لو كان يجول بنظره داخل نوافذ الناس كما تقول لرأى كيف تسير الأمور هنا، ورأى أننا نقاسي من البرد وأن البيت خال من الطعام، ورأى أن أمنا لم تبلغ من القوة ما يعينها على كل هذا الشقاء في عملها، ورأى حال أبينا وفعل شيئا من أجله، أجل إنه كان خليقا بأن يفعل! - فرانسي ...

وتلفت الصبي حوله في قلق، ورأت فرانسي أنه قلق فعلا، وقالت بينها وبين نفسها: لقد بلغت من السن ما يمنعني من معاكسته.

وقالت بصوت عال: حسنا يا نيلي!

ناپیژندل شوی مخ