وظهر القزم وهو يصيح: «إبليس». خرجت المعلمة فجلست بين الشاب والتابع. سرعان ما سد موكب الفتوة مدخل الدرب، ولما وصل إلى القهوة قامت المعلمة وتابعها لاستقباله، قالت بأدب لأول مرة: تحية لسيد الرجال. - موسم طيب بإذن الله.
وضعت صرة في يده وهي تقول: بفضل الله وبفضلك! - وأين البنت؟ - مع زبون! - أرسلي في طلبها. - ستكون بين يديك في نهاية الليلة. - سأنتظر في القهوة ساعة واحدة. - ولكن ... - ساعة بالتمام والكمال! - أنت سيد من يفهم ويقدر. - بالتمام والكمال؛ وإلا فليهنأ عزرائيل بوليمة فاخرة!
ودخل القهوة متبوعا برجاله.
نظرت المعلمة في حيرة إلى التابع وسألته: ما العمل؟ - ما من قوة في الأرض تستطيع أن تأتي بها إليه كما يريد. - ماذا تتوقع؟ - أنفضي إليه بالحقيقة؟ - هذا يعني خرابنا. - أخشى أن يعرف الحقيقة رغم إرادتنا.
فقالت بغضب: أفضل أن يدهمني القضاء على أن أسير إليه بقدمي!
ثم قامت وهي تقول: سأجلس معه وليعني الله على إقناعه!
ومضت إلى داخل القهوة. مد الشاب جذعه يتابعها حتى استقرت إلى جانب الفتوة، ثم تراجع إلى جلسته وهو يسأل التابع: ما معنى ذلك؟ - ليس عندي ما أضيفه إلى ما سمعت. - ماذا تتوقع أن يحدث في ختام الساعة؟ - سيقتحم البيت محطما من يعترضه. - ولكنه لن يجد سوى جثة. - وعند ذاك يتقرر خراب البيت. - وما دورك أنت في ذلك كله؟ - لا أستطيع أن أدعه يمر دون مقاومة! - أتفكر في اعتراض سبيله؟ - هذا هو عملي. - عملك؟ - أنا حامي منطقة المعلمة! - ولكنه ... ولكنه سيقضي عليك. - ربما! - إنه مؤكد، فلا تخاطر بحياتك. - هو عملي كما قلت لك. - تجاهله. - أفقد عملي وكرامتي. - يمكن أن تتسلل بطريقة ما إلى الشرطة!
فقال ضاحكا: أفقد كرامتي مرتين! - لا أفهمك. - هي تقاليد عملي. - إنه الجنون عينه.
فابتسم التابع قائلا: ممكن أن يقال مثل ذلك عن زعيمك. - أخشى أن تذهب ضحية للغرور، دعني أتسلل أنا ... - أرفض اقتراحك. - أنت مهدد بفقد حياتك. - محتمل!
وساد الصمت. نظر الشاب في ساعة يده فتزايد قلقه. هرب من مخاوفه إلى أمواج الرواد التي لا تنقطع؛ يعربدون ولا فكرة لأحدهم عما يتأزم في المقهى، ولا عما يقبع في البيت. والتفت نحو صديقه قائلا: الوقت يمر أسرع مما تتصور. - ليس أسرع مما أتصور. - قد تكون آخر ساعة في حياتك. - قول يصدق على أي مخلوق! - لن تكون معركة عادلة. - لا توجد معركة عادلة! - يا له من انتظار! - يا له من انتظار! - ويا لها من نهاية! - ويا لها من نهاية! - بودي أن أصعد إلى حجرة الفتاة. - لم؟ - لأجس نبضها من جديد! - إني أتوثب لمواجهة القضاء وأنت تحلم بالخرافات. - سمعنا عن جثث دبت فيها الحياة بعد دفنها؟ - إذا قامت القيامة فابتعد عن ميدان المعركة. - كنت أعتقد أن الغد هو يوم الخطر. - حافظ على حياتك حتى الغد! - يا له من يوم عجيب! - أرجو أن تكون قد تعلمت أشياء مفيدة. - كيف تنتظر الموت بهذا الهدوء كله؟
ناپیژندل شوی مخ