قال بنفور: الحق أني أكره النساء. - هذا واضح!
ثم بلهجة جدية: أفرغ ما في نفسك من اضطرابات؛ كي تستقر بعد ذلك بصفة نهائية.
وجاء الربيع، فسره أن تنطلق السهرات من القاعات المغلقة إلى الحدائق، وعانى الضجر والأحلام المرهقة. وفي أوقات تسلى بقراءة الشعر؛ فهفت نفسه إلى أشعار الهند وفارس. وحملته مغامراته الليلية إلى كابري مرة أخرى، وجلس تحت التكعيبة يشرب كأسا، ويتلقى نفحات الربيع من وراء السرو. وعزفت أنغام راقصة، فإذا بوردة فوق المسرح، لم يدهش لذلك ألبتة، فلم ينزعج ولم يبتسم. كان ذلك في الخريف. وتواصلت الفرحة بالنشوة بالحب ثم كان الجفاء. الدورات المفرغة فمتى يحطمها القلب المحزون؟ متى يخترق الفضاء لغير رجعة؟! وها هي تلمحه ثم تواصل رقصها. وها هو يازبك يسترق النظرات في قلق مضحك. أما هو فخلا من القرارات عزمه، ورأى عقب الاستعراضات وردة غير بعيدة، فدعاها إلى مائدته. وجاءت باسمة الثغر كأن ما كان لم يكن. وطلب الشراب الذي اشتهر به في الملاهي الليلية، وقال لها بصدق: الحق أني آسف يا وردة.
فقالت وهي تبتسم ابتسامة غامضة: لا يجب أن تأسف على ما فات.
ثم بنبرة ساحرة: وتجربة الحب ثمينة، ولو بالعذاب.
فقال وهو يعض شفته: لست طبيعيا.
فقالت بصوت مهموس: إذن لندع لك بالسلامة.
وتلاقت عندهما نظرات النساء اللاتي مضى بهن ليلة بعد أخرى، فابتسمت وردة وتمتم هو: بلا رغبة.
فتساءلت برفع حاجبيها، فقال: عرفتهن بلا استثناء، ولكن بلا رغبة. - ولماذا إذن؟ - لأن اللحظة الإلهية لا تجود بنفسها أكثر من ثانية واحدة.
فقالت بامتعاض: ما كان أقساك! إنكم لا تؤمنون بالحب إلا إذا كفرنا به. - ربما، ولكن مشكلتي غير ذلك.
ناپیژندل شوی مخ