فضحك ثغرها ضحكة خالية من الصوت، وقالت: إني أحتاج دائما لمن يدافع عني، أليس ذلك تعريفا لا بأس به للمرأة؟
فقال عمر مستعينا بلباقة خاصة لم تستعمل من سنين طويلة: باستثناء من لهن جمالك أو صوتك.
وقال مصطفى وعيناه الذابلتان ترمشان في خبث: دعيني أعرفك أنه بدأ شاعرا، وإن لم يصل إلى مستوى «ازدادت شهوتي».
تساءلت مارجريت في حذر وهي تتفحص عمر: شاعرا؟ ... لكنه يبدو رصينا بكل معنى الكلمة.
فقال عمر: لذلك سرعان ما هجرت الشعر. - وهو يبحث عن الجمال علاجا لداء طريف ألم به في الأيام الأخيرة.
وانطلقت طقة السدادة، وهام في الكئوس الحباب. - أيعني هذا أنني نوع من الدواء؟
فبادرها مصطفى باسما: أجل، لم لا؟ من النوع الذي يؤخذ قبل النوم. - لا تتعجل، الشفاء لا يجيء بالسرعة التي تتصورها.
ودعت الموسيقى إلى الرقص، فمضى بها إلى المرقص. وعندما أحاط خاصرتها بذراعه، وهام في وجدانه شذاها حلا الليل ورقت الرطوبة، وازدهرت مجامع الأشجار المتلألئة بالأحمر والأبيض من المصابيح. - ليكن تعارف سعيد. - أنت ظريف بقدر ما أنت طويل. - لكنك لست قصيرة. - ولكني أخشى عينيك الحادتين. - ليستا كذلك إلا لأنهما يشتعلان سرورا، ولكني كدت أنسى الرقص، ويقينا إني لا أحسنه. - ألا ترى أنك أطول من أن تحسن الرقص؟! - عندما دعاني صديقي إلى باريس الجديدة قال لي: ستجد نمطا تحبه. - حقا؟
ما أجمل الكذب في الخريف! وصفق لهما مصطفى، وهما يعودان إلى مجلسهما. وأشرق وجه عمر بفرحة ساذجة. واسترد في لحظة معبقة بسحر الليل شباب الزمن الخالي، ولمست الخاتم في يسراه متمتمة: متزوج؟! ... أنتم أيها المتزوجون لا تتركون للعزاب فرصة.
فقال مصطفى ضاحكا: إنكما تتقدمان بسرعة مذهلة، أراهن على أنكما ستخرجان الليلة معا. - خسرت الرهان! - لماذا يا عزيزتي مارجريت؟ ... صاحبنا محام لا يعرف التأجيل. - إذن فعليه أن يعرفه. - اللعنة على التقاليد الجامدة.
ناپیژندل شوی مخ