سنة ثمان وستين
فيها توفي عبد الله بن عبّاس الهاشمي حبر الأمة بالطّائف عن إحدى وسبعين سنة، كان يقال له: البحر، والحبر، وترجمان القرآن، وذلك أن النبيّ ﷺ قال في دعائه له: «اللهمّ فقهه في الدّين وعلمه التأويل» [١] وذهب بصره آخرا فقال:
إن يذهب الله من عينيّ نورهما ... ففي لساني وقلبي منهما نور
قلبي ذكيّ وذهني غير ذي وكل ... وفي فمي صارم كالسّيف مشهور [٢]
ولد قبل الهجرة بثلاث سنين وكان جميلا نبيلا مجلسه مشحونا بالطلبة
[١] رواه أحمد في «المسند» (١/ ٢٦٦ و٣١٤ و٣٢٨ و٣٥٥) وابن سعد في «الطبقات» (٢/ ٣٦٥) والطبراني في «الكبير» رقم (١٠٥٨٧) والحاكم (٣/ ٥٣٤) وصححه ووافقه الذهبي. وهو كما قالا. قال الحافظ ابن حجر، اشتهرت هذه اللفظة حتى نسبها بعضهم للصحيحين، ولم يصب. ا. هـ. أقول: نعم أصل الحديث في البخاري والترمذي عن ابن عباس قال: ضمني النبيّ ﷺ إلى صدره وقال: «اللهمّ علمه الحكمة» وفي رواية عند البخاري عن ابن عباس «اللهمّ علمه الكتاب» وفي مسلم «اللهمّ فقهه» عن عبد الله بن عباس ﵄، وفي رواية للبخاري عن ابن عباس «اللهمّ فقهه في الدين» رقم (١٤٣) في الوضوء، باب وضع الماء عند الخلاء.
[٢] البيتان في «أسد الغابة» لابن الأثير (٣/ ٢٩٤) و«الاستيعاب» لابن عبد البر على هامش «الإصابة» (٦/ ٢٦٩) ولفظهما فيهما:
إن يأخذ الله من عيني نورهما ... ففي لساني وقلبي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل ... وفي فمي صارم كالسيف مأثور