الزاهد العابد العارف المحقق كان فى بدء امره امينا على الحصن الأبيض يتعبد فيه ويعرف حق الله تعالى ويراعى وظائف الطاعات والأوراد فأرسل مرة حاكم البلد الى ذاك الحصن رجلا مقيدا وامره ان يحبسه فيه فحبسه بأمره ومضى على ذلك شهور ثم ان ذلك الرجل المحبوس كان قد سمع من شيخ له ان من قرأ سبعين الف مرة سورة قل هو الله أحد بأخلاص نية فرج الله عنه وجعل له مخرجا من حيث لا يحتسب فكان الرجل يقرأ ذلك حتى اتم ذلك العدد (ورق 45) فبلغ ذلك الخبر الى الشيخ فرحمه وقال اطلقوه فخلوا سبيله فأنهى الخبر الى الحاكم فأرسل اليه وعاتبه على ذلك فقال ان رجلا قرأ سبعين الف مرة سوره الأخلاص طمعا فى الخلاص ان لم يفرج عنه خشيت ان يقع وهن فى اعتقاده لكتاب الله تعالى ولأن اكون انا معاقبا بسببه احب الي من ان يتزلزل رجل فى دينه او يرتد مسلم، فتغير الحاكم وقال عقوبتك عزلك عن ولاية الحصن فسلم المقاليد وانزل، فقال نعم ونعمة عين فصرفه عنه واشتغل بعبادة ربه وجلس فى الخلوة بأذن الشيخ نجيب الدين على «1» وتأدب بأرشاده وله واقعات غريبة ومكاشفات عجيبة واتخذ رباطا بمحلة باب اصطخر وسكن في خدمته جماعة من الصلحاء حتى لحق بالله تعالى فى سنة اثنتى عشرة «2» وسبعمائة رحمة الله عليهم.
31 - الشيخ جمال الدين محمد بن ابى بكر بن بالكالنجار «3»
كان شيخا وجيها بهى المنظر زكي المخبر ذا مجاهدات وخلوات واوراد كثيرة من العبادات والطاعات وله كلمات روحانية واشارات رحمانية يبوح بها فى اثناء حالاته (ورق 45 ب) قد ضمنها بعض رسالاته وقد سعدت مرات بنيل بركات صحبته والاستفادة من انوار حكمته، ومما قرأت عن خطه الأنيق:
اما والراقصات بذات عرق ... ومن قد طاف بالبيت العتيق
لقد دب الهوى لك في فؤادى ... دبيب دم الحياة الى العروق «4»
توفى سنة ... «5» وخمسين وسبعمائة ودفن عند والده رحمة الله عليهم.
مخ ۸۳