78

شاعر اندلسي

شاعر أندلسي وجائزة عالمية

ژانرونه

وكبرت يا بلاتيرو، فتعلمت من لافونتين كاتب الأساطير الذي طالما حدثتك عنه كيف أطمئن إلى الحيوان الناطق؟ وكيف أحسب بيتا من أبيات قصيدة كأنه هو الصوت الذي يفوه به الغراب والحمامة والعنز؟! وتعودت أن أعرض عن ختام القصة حيث تتعلق القطة، كما تتعلق الريشة المنبوذة والرماد المذرو في الختام.

ولا يخفى عليك يا بلاتيرو، أنك لست بالحمار بمعنى الكلمة الشائعة، ولا بالحمار في تعريف المعجم الذي وضعته الأكاديمية الإسبانية. إنما أنت حمار بالمعنى الذي أفهمه، ولك لسانك الذي لا ألحنه، ولا ألحن مثله لسان الوردة، ولا الوردة - هي أيضا - تلحن لسان البلبل، أو البلبل يلحن لسانها. فلا تخش حين تراني أنظر إليك، وأقرأ في كتبي أن أجعلك بطلا من أبطال الأساطير، يجاوب بلفظه المزعوم حوار الثعلب أو القنبرة، ويتشدق آخر الأمر بعظة الختام على منوال هاتيك الخواتيم.

لا يا بلاتيرو. حاشاك!

المساخر

اليوم جميل يا بلاتيرو!

إنه (إثنين) المساخر، والأطفال يتنكرون بالأقنعة الملونة والحلل الزاهية، وقد ألبسوا بلاتيرو عدة الركوب المغربية، مزركشة بالأحمر والأزرق والأبيض والأصفر من النقوش العربية.

والمطر، في صحبة الشمس، في صحبة البرد، في صحبة الشآبيب من قصاصات الورق أشكالا وألوانا من الشرفات تتماوج مع رياح الأصيل، والمعربدون بفرحة العيد يدسون أكفهم يبحثون عن الدفء في طيات الجيوب، وجمع من النسوة يلقانا في الميدان بثياب فضفاضة، يحكين بها ثياب اللائي مسهن عارض الجنون، ويقبلن مرسلات الشعور، مزدانة غدائرهن بالرياحين والعطور، محدقات ببلاتيرو يدرن حواليه ويهربن منه وإليه، وهو بينهن كالعقرب التي أحدقت بها ألسنة اللهيب، يتلمس سبيل الهروب، ولا سبيل للهروب. ويستصغره النسوة فلا يخفنه ولا يبتعدن منه، ولا يزلن به عابثات لاهيات، ويقتدي بهن الصبية فيسخرون من حيرته وضيقه، ويركضون كركضه، ويصدعون الفضاء بنهيق كنهيقه، ثم يصفقون إذا أجابهم، ويغدقون عليه إعجابهم، ويضطرب الميدان كله حولهم، خليطان من النهيق والضحك، ونفخات المزامير ودقات الطبول، وأصداء الأناشيد.

وبعد جهد جهيد يعتزم بلاتيرو عزمة رجل، فيخترق الحصار ويفلت من الإسار، ويدنو مني مقشعر البدن، عاريا من العدة والرسن، ما له وما لي بهذه الألاعيب؟! كلانا في نبوة منها، وكلانا في جوارها غريب.

الموت

ألفيت بلاتيرو مضطجعا على فراشه من الهشيم، ذابل العينين جد حزين، وذهبت إليه وربت كتفيه، وحدثته ألاطفه وأواسيه، وأحاول أن أنهض به على قدميه.

ناپیژندل شوی مخ