Sessions of Ramadan by Al-Uthaymeen
جلسات رمضانية للعثيمين
ژانرونه
فعل المباح بنية العبادة
ثم تذهب إلى البيت راجعًا يكتب لك ممشاك حيث احتسبته على الله ذاهبًا وراجعًا، وتتعشى لتتقوى على طاعة الله، ولذلك ينبغي لنا -نسأل الله أن يوقظ قلوبنا- ألا ننوي بأكلنا وشربنا مجرد التشهي، أن ننوي به: أولًا: امتثال أمر الله ﷿، لأن الله أمرنا بالأكل والشرب في أي آية؟ ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا﴾ [الأعراف:٣١] ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ﴾ [البقرة:١٧٢] .
ثانيًا: ننوي بذلك حفظ أبداننا؛ لأن بدنك أمانة عندك ائتمنك الله عليه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم:٦] هذه الأمانة الدينية، والأمانة البدنية الدنيوية: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء:٢٩] ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة:١٩٥] إذًا: فننوي بالأكل حفظ هذا البدن الذي جعله الله أمانة عندك نقيه الشر في الدنيا والآخر.
ثالثًا: ننوي بذلك التنعم بنعم الله، التنعم بنعم الله قربة؟ نعم لأنه يدل على قبولك لنعمة الله عليك، قبولك لمنة الله عليك، ومعلوم أن قبول ذي المنة اعتراف بفضله ﷿، فأنت تعترف بفضل الله، وتتمتع بنعمه، ولهذا جاء في الحديث: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه) إذًا: ويحب أن يتبسط عباده بنعمه؛ لأن الكريم يحب أن ينتفع الناس بكرمه.
رابعًا: تنوي بذلك التقوِّي على الطاعة، ولهذا قال النبي ﵊: (تسحروا فإن في السحور بركة) أمرنا بالسحور من أجل التقوِّي على الصيام، فأنت تنوي بأكلك وشربك التقوِّي على طاعة الله.
إذًا انقلبت هذه النعمة التي يتمتع بها أكثر الناس تشهيًا، انقلبت عبادة، فبإمكان الإنسان الموفق أن يقلب عاداته عبادات، والغافل تكون عباداته عادات، يروح يصلي على العادة، يتوضأ على العادة، يمكن لو عاش في بيئة أخرى غير مسلمة يمكن أن يمشي على ما هم عليه عادة، لكن الموفق يجعل من عاداته عبادات.
1 / 6