122

Series of Stories - Al-Munjid

سلسلة القصص - المنجد

ژانرونه

شرح ألفاظ حديث الخصومة بين العمرين
هذا الحديث فيه وقُوع شيء من الخلاف -كما يقع بين البشر- بين أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما فأخطأ أبو بكر في حق عمر، ثم ندم أبو بكر فأراد أن يستسمح من عمر فأبي عليه، فذهب أبو بكر إلى النبي ﷺ حاسرًا ثوبه عن ركبتيه، فلما رآه النبي ﷺ على هذه الحالة قال: (أما صاحبكم فقد غامر) أي: دخل في غمرة الخصومة، وقيل: سبق بالخير، (فسلم أبو بكر على النبي ﷺ وجلس إليه وقص عليه القصة وقال: كان بيني وبين ابن الخطاب شيءٌ -أي: محاورة، أو مراجعة، أو مقاولة، أو معاتبة-فأسرعت إليه -أي: فأغضبته- فأغضب أبو بكر عمر فانصرف عنه مغضبًا فاتبعه أبو بكر، قال أبو بكر: ثم ندمت على ما كان، فسألته أن يغفر لي -أي: أن يستغفر لي- فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهي فأبى عليّ)، وفي رواية: (فتبعته إلى البقيع حتى خرج من داره وتحرز مني بداره، فاعتذر أبو بكر إلى عمر فلم يقبل منه فقال: النبي ﷺ: يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثة -أي: أعاد هذه الكلمة ثلاث مرات- ثم إن عمر ندم فذهب إلى بيت أبي بكر الصديق لكي يصافيه ويعتذر منه فسأل عنه، فقالوا: خرج من المنزل، فذهب إلى النبي ﷺ ليجده عنده، فلما سلم عمر وجلس جعل وجه النبي ﷺ يتمعر -أي: تذهب نضارته من الغضب- وكان النبي ﷺ أبيض جميلًا كأن القمر يجري في وجهه ﷺ، فجعل وجهه يحمر من الغضب وغضب رسول الله ﷺ.
وفي رواية: (فجلس عمر فأعرض عنه النبي ﷺ، ثم تحول فجلس إلى الجانب الآخر فأعرض عنه النبي ﷺ، ثم قام فجلس بين يديه فأعرض عنه النبي ﷺ، فقال عمر: يا رسول الله! ما أرى إعراضك إلا لشيء بلغك عني، فما خير حياتي وأنت معرض عني؟ -أي: أيُ خيرٌ لي في هذه الدنيا وفي هذه الحياة إذا كنت معرضًا عني- فقال: أنت الذي اعتذر إليك أبو بكر فلم تقبل منه -أي: طلب أخوك أن تستغفر له فلا تفعل! - فقال: والذي بعثك بالحق ما من مرةٍ يسألني إلا وأنا أستغفر له، وما خلق الله من أحدٍ أحب إليّ منه بعدك، فقال أبو بكر: وأنا والذي بعثك بالحق كذلك).
ولما تمعر النبي ﷺ أشفق أبو بكر أن يكون من رسول الله ﷺ على عمر ما يكره، فجثا أبو بكر -أي: برك- على ركبتيه، ويقول للنبي ﷺ: (والله أنا كنت أظلم) وقال ذلك؛ لأنه كان هو البادئ، فجعل أبو بكر يعتذر حتى لا يجد النبي ﷺ في نفسه على عمر، ثم إن النبي ﷺ بيّن فضل الصديق، وقال: (إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله).
وواساني من المواساة، وسميت مواساة لأن صاحب المال يجعل يده ويد صاحبه في ماله سواء، ثم يقول النبي ﷺ: (فهل أنتم تاركون لي صاحبي؟) في رواية: (تاركو) وجزم بعضهم بأنها خطأ، ووجه بعضهم بوجه من وجوه اللغة لما قال النبي ﷺ: (فهل أنتم تاركون لي صاحبي؟ فهل أنتم تاركون لي صاحبي؟ فما أوذي بعدها).

6 / 4