ترجمة موجزة لخديجة وزواج النبي ﷺ بها
من هي خديجة أيها الأحباب؟! وما الذي تعرفه نساء المسلمين عن خديجة؟ وما الذي نعرفه عن أمنا ﵂ وأرضاها؟ إنها سكن الحبيب المصطفى ﷺ، وبلسم آلامه، وشفاء جراحه وأتعابه.
خديجة ذلك العلم، ذلكم الشرف، خديجة التي نشأت في مكة المكرمة شرفها الله في بيت شرف وحسب ومال، وتزوجت أول الأمر في شبابها بـ عتيق المخزومي، وما لبث أن مات عنها، فتزوجت مرة أخرى بـ أبي هالة التميمي ورزقها الله جل وعلا منه الولد، فرزقت منه بـ هند بن أبي هالة ربيب النبي ﷺ ورضي الله عنه وأرضاه، وبعدما مات زوجها الثاني أعرضت خديجة ﵂ عن الزواج، وظلت أيّمًا حتى بلغت الأربعين من عمرها، وكانت هذه المرأة العاقلة الشريفة تتاجر بأموالها، وتستأجر من الصالحين والصادقين من يتاجر لها بالمال، عن طريق المضاربات التي أقرها الإسلام بعد ذلك.
وسمعت خديجة عن صدق محمد بن عبد الله قبل البعثة، وقبل الرسالة، فلقد شهد اجتماع مكة في دار الندوة لمحمد ﷺ بالصدق والأمانة قبل أن يبعث، يوم أن دخل عليهم وهم يختلفون: من الذي سيضع الحجر الأسود في مكانه، ويوم أن التفتت الأنظار وشخصت تجاه الباب، وإذ بهم يرون محمدًا ﷺ، فهتفوا جميعًا على لسان رجل واحد: لقد دخل عليكم محمد الأمين، لقد أطلق أهل مكة في دار الندوة على محمد لقب الأمين قبل البعثة.
فلما سمعت خديجة عن أمانته وعن صدقه وعن عفته؛ أرسلت إليه ليتاجر بمالها، ولبى النبي ﷺ ذلك تلبية لرغبة عمه أبي طالب، وذهب النبي ﵊ ليتاجر لـ خديجة بمالها، وعاد غلامها ميسرة -الذي لا نعلم عنه شيئًا في الإسلام كما قال الحافظ ابن حجر في الإصابة- ليحدثها عن أمانة محمد، وعن صدق محمد، وعن وفاء وإخلاص وبر محمد بن عبد الله ﷺ.
ودب الحب في قلب خديجة ﵂ لهذا الصدق وهذه الشيم وتلك الأخلاق الكريمة التي سمعت في رسول الله ﷺ.
وقد أجمعت الروايات كلها على: أن خديجة ﵂ هي التي خطبت رسول الله ﷺ؛ لتتشرف بالزواج منه، ولن نقف طويلًا عند هذه الأحداث الصغيرة، وذهب النبي ﷺ إلى خديجة ﵂ ليخطبها مع أعمامه، وعلى رأسهم حمزة وأبو طالب، ووقف أبو طالب عم النبي ﷺ ليخطب خديجة ﵂، وكان من أروع ما قاله أبو طالب حيث قام خطيبًا: الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، وفرع إسماعيل، وجعلنا حجبة البيت وسواس حرمه، وجعل لنا بيتًا محجوبًا وحرمًا آمنًا، ثم إن هذا ابن أخي محمد بن عبد الله ﷺ الذي لو وزن به أي شريف من أشراف مكة شرفًا وعقلًا ونبلًا وفضلًا لرجحه محمد، ومحمد من قد عرفتم، وقد جاء اليوم يخطب خديجة، فله رغبة فيها، ولها رغبة فيه، وما أحببتم من الصداق فعلي.
هذه هي خطبة أبي طالب.
فقام عمها عمر بن أسد، ونظر إلى أبي طالب وقال: هو الفحل لا يقدح أنفه.
أي: هو الكريم الذي لا يرد.
11 / 4