41

Series of Faith and Disbelief - Introduction

سلسلة الإيمان والكفر - المقدم

ژانرونه

أنواع الكفر الأصل التاني هو: أن الكفر نوعان: كفر اعتقاد وكفر عمل، قال ابن القيم ﵀: وهنا أصل آخر، وهو: أن الكفر نوعان: كفر عمل، وكفر جحود وعناد. فكفر الجحود: أن يكفر بما علم أن الرسول ﷺ جاء به من عند الله جحودًا وعنادًا من أسماء الرب وصفاته وأفعاله وأحكامه. وهذا الكفر يضاد الإيمان من كل وجه، أي: أن كفر الجحود والتكذيب يضاد الإيمان ولا يمكن أن يجتمع مع الإيمان؛ ففاعله كافر كفرًا أكبر. إذًا: كفر الاعتقاد كله يخرج من الملة إذا كان كفر جحود. أما كفر العمل فمنه ما يخرج من الملة ومنه ما لا يخرج من الملة، وقد يجتمع مع الإيمان مع تسميته كفرًا. يقول: وأما كفر العمل فينقسم إلى ما يضاد الإيمان وإلى ما لا يضاده، فالسجود للصنم كفر عملي، لكن من أي النوعين هو: هل هو مما يجتمع مع الإيمان أم مما يضاده من كل وجه؟ السجود للصنم، والامتهانة للمصحف، وقتل النبي، وسب الرسول ﵌ أو أحد من الأنبياء؛ هذا كله يضاد الإيمان، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يجتمع الإيمان مع وجود شيء من هذه الأفعال، هذا وإن كان كفرًا عمليًا فمنه ما يخرج تمامًا من الملة ومنه ما لا يخرج من الملة، مثل: الحكم بغير ما أنزل الله كما ذكرنا ووضحنا، ومثل: ترك الصلاة، فتركها كفر عملي قطعًا، ولا يمكن أن ينفى عن فاعل هذا الوزر اسم الكفر بعد أن أطلقه الله ورسوله ﷺ عليه، فالله ﵎ سمى من يحكم بغير ما أنزل الله كافرًا، فقال ﵎: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة:٤٤]، وسمى رسول الله ﵌ تارك الصلاة كافرًا، ولكنه كفر عمل لا كفر اعتقاد، ومن الممتنع أن يسمي الله ﷾ الحاكم بغير ما أنزل الله كافرًا، ويسمي رسول الله ﷺ تارك الصلاة كافرًا، ولا يطلق عليهما اسم الكفر! فهما يستحقان اسم الكفر لكن الخلاف: هل هذا كفر يخرج من الملة، ويضاد الإيمان تمامًا، أم لا يضاد الإيمان ولا يحبطه بالكلية؟ أيضًا نفى رسول الله ﵌ الإيمان عن الزاني فقال: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)، وأخبر عمن شرع في هذه المعصية -والعياذ بالله- أنه يخرج الإيمان من قلبه، ويبقى فوق رأسه مثل المظلة أو السحابة، ثم يرجع إليه الإيمان. وكذلك السارق إذا سرق: (لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن). كذلك نفى الإيمان عن شارب الخمر، وعمن لا يأمن جاره بوائقه، فإذا نفى عنه اسم الإيمان فهو كافر من جهة العمل، لكن ينتفي عنه كفر الجحود والاعتقاد، فالزنا أو السرقة أو شرب الخمر أو غير ذلك مما وصف بالكفر كفر عملي، وقد يجامع الإيمان وقد لا يجامع كما بينا. يقول ﷺ: (لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض)؛ فيؤخذ من هذا الحديث: أن القتال بين اثنين من المسلمين أو طائفتين من المسلمين من الكفر، لكن هذا الكفر من الكفر العملي، فهو لا يخرج من الملة، ولا يضاد الإيمان تمامًا. إذًا: الكفر العملي منه ما لا يضاد الإيمان، وقد يوجد في الإنسان، وكما قلنا: إن شعب الإيمان -البضع والسبعون- تسمى إيمانًا، وشعب الكفر تسمى كفرًا، فعندما يفعل الإنسان شعبة من شعب الكفر يقال: إن هذا الشخص فعل شيئًا من أفعال الكفر، وهذا الفاعل كما جاءت الأحاديث يسمى فاعله كافرًا، لكن يحكم له بالإيمان ووجود أصل الإيمان، وإن نقص إيمانه بحسب ما ارتكب من هذه المخالفات، مثلًا: قول النبي ﷺ: (من أتى امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ، فهذا كفر عملي.

3 / 8