Series of Ambitions - The Prelude
سلسلة علو الهمة - المقدم
ژانرونه
حرص ابن عباس على طلب العلم
عن ابن عباس ﵄ قال: لما مات رسول الله ﷺ قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب رسول الله ﷺ عن العلم؛ فإنهم اليوم كثير.
فقال: واعجبًا لك يـ ابن عباس! أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله ﷺ من فيهم؟! قال: فتركت ذاك.
يعني: لم يفت في عزمه ولم يبال بتثبيطه، فانصرف عنه ابن عباس مع صغر سنه رضي الله تعالى عنه، يقول: فتركت ذاك، وأقبلت أسأل أصحاب رسول الله ﷺ، وإن كان يبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه وهو قائل -يعني: في وقت القيلولة قبل صلاة الظهر، فيكره أن يوقظه من القيلولة- فأتوسد ردائي على بابه، فتسف الريح علي من التراب، فيخرج فيراني، فيقول: يا ابن عم رسول الله ﷺ! ما جاء بك؟! هلا أرسلت إلي فآتيك؟! فأقول: لا؛ أنا أحق أن آتيك.
فأسأله عن الحديث.
فعاش هذا الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي يسألونني، فيقول: هذا الفتى كان أعقل مني.
ولما فتحت البلاد آثر ابن عباس من أجل العلم ظمأ الهواجر في دروب المدينة ومسالكها على الظلال الوارفة في بساتين الشام وسواد العراق وشطآن النيل ودجلة والفرات.
قال ﵁: لما فتحت المدائن أقبل الناس على الدنيا، وأقبلت على عمر ﵁.
يعني: كي يتعلم منه ويستفيد من صحبته.
يقول الشاعر: لكل بني الدنيا مراد ومقصد وإن مرادي صحة وفراغ لأبلغ في علم الشريعة مبلغا يكون به لي للجنان بلاغ وفي مثل هذا فلينافس أولو النهى وحسبي من الدنيا الغرور بلاغ فما الفوز إلا في نعيم مؤبد به العيش رغد والشراب يساغ ويقول -أيضًا- ابن عباس رضي الله تعالى عنه عن دأبه في طلب العلم: كنت آتي باب أبي بن كعب ﵁ وهو نائم، فأقبل على بابه، ولو علم بمكاني لأحب أن يوقظ لي لمكاني من رسول الله ﷺ، لكني أكره أن أمله.
وقال -أيضًا- ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كنت ألزم الأكابر من أصحاب رسول الله ﷺ من المهاجرين والأنصار، فأسألهم عن مغازي رسول الله ﷺ وما نزل في القرآن في ذلك، وكنت لا آتي أحدًا إلا سر بإتياني لقربي من رسول الله ﷺ، فجعلت أسأل أبي بن كعب يومًا -وكان من الراسخين في العلم- عما نزل من القرآن في المدينة فقال: نزل بها سبع وعشرون سورة، وسائرها بمكة.
11 / 10