252

Secularism: Its Rise and Development

العلمانية - نشأتها وتطورها

خپرندوی

دار الهجرة

سلطنتونه
آل سعود
غرقت في الدنيا ونسيت الآخرة بل نبذتها نبذًا كاملًا، ليس هذا فحسب، بل إن أوروبا عبدت -حقيقة لا مجازًا- الإنتاج المادي والطواغيت الذين يتحكمون فيه الطبقة الرأسمالية أو الحزب الشيوعي، فالصورة التي لم تتغير هي صورة العبودية المذلة، وإنما تغير الطاغوت المعبود، فأصبح الرأسمالي أو عضو الحزب بعد أن كان النبيل أو رجل الدين!
هذه العبودية المطلقة، وذلك الاتجاه الكلي إلى المادية - فكرًا وسلوكًا - هما اللذان يحددان موقف المجتمع الغربي المعاصر من الدين، وبهما تظهر الجاهلية المعاصرة مجردة عن كل زيف خالية من أي طلاء.
وما علينا إلا أن نتأمل مجرى التاريخ الاقتصادي الأوروبي، ونمعن النظر في نظرياته الكبرى من العصر الإقطاعي حتى الآن، وحينئذٍ لن نفاجأ بهذه الحقائق الواضحة.
أولًا: نظرية الكنيسة ونظام الإقطاع:
- على الرغم من أن الكنيسة لم تحاول تغيير بنية المجتمع المسيحي أو تنظيم بعض مجالات الحياة على الأقل، فقد كان لها أثر فعال في اقتصاد القرون الوسطى من الوجهة النظرية.
أقرت الكنيسة النظام الإقطاعي السائد، بل أصبحت مؤسسة من مؤسساته الثابتة، وأقرت الاضطهاد الفظيع الذي كان يتعرض له أرقاء المجتمع رغم تنافيه مع تعاليم الإنجيل، ولكنها في مواقف أخرى كانت أكثر تشددًا، لا سيما في مسألة الربا، والواقع أن الربا جريمة تشترك في تحريمها كل الرسالات السماوية، وتحاربها الكتب المقدسة جميعها، وهي ظاهرة لها مغزاها العميق.

1 / 260