143

Secularism: Its Rise and Development

العلمانية - نشأتها وتطورها

خپرندوی

دار الهجرة

ژانرونه

النظريات الإنسانية في الظهور، وهي نظريات أثبتت الأيام صحتها - إجمالًا - بخلاف الأخرى، وبذلك قدر للكنيسة أن تصطدم بالصحيح قبل الزائف، فلما خسرت معركتها معه سهلت هزيمتها أمام الآخر. هذا وسنستعرض بإيجاز هذا الصراع مراعين التسلسل التاريخي: أولًا: مطلع العصر الحديث والقرن السابع عشر: إن النظرية التي هزت الكنيسة لأول مرة هي نظرية كوبرنيق (١٥٤٣) الفلكية، فقبل هذه النظرية كانت الكنيسة المصدر الوحيد للمعرفة، وكانت فلسفتها تعتنق نظرية بطليموس التي تجعل الأرض مركز الكون وتقول: إن الأجرام السماوية كافة تدور حولها (١). فلما ظهر كوبرنيق بنظريته القائلة بعكس ذلك كان جديرًا بأن يقع في قبضة محكمة التفتيش، ولم ينج من ذلك لأنه كان قسيسًا، بل لأن المنية أدركته بعد طبع كتابه بقليل؟. فلم تعط المحكمة فرصة لعقوبته، إلا أن الكنيسة حرمت كتابه " حركات الأجرام السماوية "ومنعت تداوله، وقالت: إن ما فيه هو وساوس شيطانية مغايرة لروح الإنجيل. وظنت أن أمر هذه النظرية قد انتهى، ولكن رجلًا آخر هو " جردانو برونو" بعث النظرية بعد وفاة صاحبها فقبضت عليه محكمة التفتيش وزجت به في السجن ست سنوات، فلما أصر على رأيه أحرقته سنة ١٦٠٠م وذرت رماده في الهواء وجعلته عبرة لمن اعتبر. وبعد موته ببضع سنوات كان " جاليلو " قد توصل إلى صنع

(١) حول هذه النظرية: انظر: كتب غيرت وجه العالم. دوانز الفصل الخاص بكتاب كوبرنيق.

1 / 150