Secrets of Eloquence - Ed. Mahmoud Shaker
أسرار البلاغة - ت محمود شاكر
خپرندوی
مطبعة المدني بالقاهرة
د خپرونکي ځای
دار المدني بجدة
ژانرونه
العناد، كما أن الشمس الطالعة لا يَشكُّ فيها ذو بصرٍ، ولا ينكرها إلاّ مَنْ لا عذر له في إنكاره، فقد احتجتَ في تحصيل الشبه الذي أَثبته بين الحجّة والشمس إلى مثل هذا التأوّل كما ترى. ثم إنّ ما طريقُه التأوُّل يتفاوت تفاوتًا شديدًا، فمنه ما يقربُ مأخذُه ويسهُل الوصول إليه، ويُعطَى المَقَادةَ طوعًا، حتى إنه يكاد يداخل الضرب الأول الذي ليس من التأول في شيء، وهو ما ذكرته لك ومنه ما يُحتاج فيه إلى قدر من التأمّل، ومنه ما يدقُّ ويغمُض حتى يُحتاج في استخراجه إلى فضل رويّةٍ ولُطْفِ فكرةٍ. فمما يُشبه الذي بدأتُ به في قُرب المأخذ وسهولة المأتى، قوله في صفة الكلام: ألفاظه كالماء في السلاسة، وكالنسيم في الرٍّقة، وكالعسل في الحلاوة، يريدون أن اللفظ لا يستغلِق ولا يشتبه معناه ولا يصعُب الوُقوف عليه، وليس هو بغريب وَحْشيّ يُستكرَه، لكونه غيرَ مألوف، أو ليس في حروفه تكريرٌ وتنافرٌ يُكَدُّ اللسانُ من أجلهما، فصارت لذلك كالماء الذي يسوغُ في الحلق، والنسيم يسري في البدن، ويتخلَّل المسالك اللطيفة منه، ويُهدي إلى القلب رَوْحًا، ويُوجد في الصدر انشراحًا، ويُفيد النفس نشاطًا، وكالعسل الذي يَلَذُّ طعمه، وتَهِشُّ النفس له، ويميل الطبع إليه، ويُحَبُّ ورودُه عليه، فهذا كله تأوّلٌ، وردُّ شيء إلى شيء بِضربٍ من التلطف، وهو أدخل قليلًا في حقيقة التأوّل، وأقوى حالًا في الحاجة إليه، من تشبيه الحجّة بالشمس،
1 / 93