عليه السلام على يد « عمرو بن لحي » ، ولكنها لم تكن في بداية أمرها بتلك الصورة التي وصلت إليها في ما بعد فقد كانوا يعتبرونها في بداية الامر شفعاء إلى الله ووسطاء بينه وبينهم ، ولكنهم تجاوزوا هذا الحد في ما بعد حتى صاروا يعتقدون شيئا فشيئا بانها اصحاب قدرة ذاتية مستقلة ، وأنها بالتالي آلهة وأرباب.
وكانت الاصنام المنصوبة حول الكعبة تحظى باحترام جميع الطوائف العربية ، ولكن الاصنام الخاصة بالقبائل فقد كانت موضع احترام جماعة خاصة فقط ، ولأجل أن تبقى حرمة هذه الأصنام والأوثان الخاصة محفوظة لا يمسها أحد بسوء كانوا ينشؤون لها أماكن وبيوت خاصة ، وكانت سدانة هذه البيوت والمعابد تنتقل من جيل إلى آخر بالوراثة.
أما الآصنام العائلية فقد كانت العوائل تقتنيها للعبادة كل يوم وليلة ، فاذا أراد احدهم السفر كان اخر ما يصنعه في منزله هو ان يتمسح به أيضا.
وكان الرجل إذا سافر فنزل منزلا أخذ أربعة أحجار فنظر إلى أحسنها ، واتخذه ربا وجعل ثلاثة أثافي لقدره ، وإذا ارتحل تركه.
وكان من شغف أهل مكة وحبهم للكعبة والحرم أنه كان لا يسافر منهم أحد إلا حمل معه حجرا من حجارة الحرم تعظيما للحرم ، وحبا له فحيثما حلوا نصبوه وطافوا به كطوافهم بالكعبة صبابة بها ، ويمكن أن تكون هذه هي « الأنصاب » التي فسرت بالاحجار العادية غير المنحوتة وتقابلها الأوثان ، وهي الاحجار المنحوتة على هيئة خاصة ، وأما « الأصنام » فهي المعمولة من خشب أو ذهب أوفضة على صورة انسان.
لقد بلغ خضوع العرب أمام الاصنام والأوثان حدا عجيبا جدا ، فقد كانوا يعتقدون بأنهم يستطيعون كسب رضاها بتقديم القرابين اليها ، وكانوا بعد نحر الهدايا يلطخون وجوه الاصنام ورؤوسها بدماء تلك الهدايا ، وكانوا يستشيرونها في مهام امورهم ، وجلائل شؤونهم ، فاذا ارادوا الوقوف على مستقبل الأمر الذي تصدوا له ومعرفة عاقبته أخير هو أم شر استقسم لهم أمين القداح بقدحي
مخ ۵۳