تذهبون إن هو إلا ذكر للعالمين. لمن شاء منكم أن يستقيم » (1).
بهذا البيان تبين بطلان هذا التفسير وجميع التفاسير الاخرى التي تحاول إعطاء ( الوحي ) طابعا ماديا مألوفا ، شأنه شأن غيره من الظواهر الغيبية ، ونحن استكمالا لهذا البحث نشير إلى ما هو الحق في هذا المجال ، مما يؤيد الواقع والعقل والدين :
ظاهرة الوحي في منظار العقل والدين :
لا شك أن حياة كل فرد من افراد الإنسان تبدأ من « الجهل » ثم يأخذ الإنسان بالدخول في مجال العلم شيئا فشيئا ، إلى ان تنفتح عليه بالتدريج نوافذ على الواقع الخارج عن ذهنه.
فيبدأ الإنسان بالتعرف على الحقائق عن طريق الحواس الظاهرية ، ثم على أثر التكامل في جهازه العقلي والفكري يهتدي إلى الحقائق الخارجة عن مجال الحس واللمس ، فيغدو عقلانيا استدلاليا ، ويقف على طائفة من الحقائق الكلية والقوانين العلمية.
وربما يظهر بين أفراد النوع الإنساني أصحاب نفوس عالية يقفون عن طريق الالهام ومن خلال بصيرة خاصة على حقائق وامور لا يهتدى اليها حتى عن طريق الاستدلال والبرهنة!
ومن هنا قسم العلماء ادراك البشر إلى ثلاثة أنواع : « إدراك العامة » « إدراك المفكرين وأرباب الاستدلال » « إدراك العرفاء واصحاب البصائر والنفوس الكبرى ».
وكأن أصحاب الظاهر يستعينون على اكتشاف الحقيقة بالحس ، والمفكرين يستعينون بالاستدلال والبرهنة ، وأصحاب البصائر والمعرفة بالإلهام والاشراق وبالفيض عليهم من العالم الأعلى.
مخ ۳۳۳