326

يعملون لتحقيق هذه الأهداف ليل نهار ، بلا سأم ولا ملل ، ولا تعب ولا نصب.

فكيف يمكن القول والحال هذه بان الشخصية الباطنية تجلت لديهم واوحت اليهم بحقائق وقيم وافكار؟

إن تفسير ( الوحي الالهي ) الذي يلقى إلى الانبياء ويكشف لهم عن أدق الحقائق وارفعها ، وأعظم المناهج واكملها ، بتجلي الشخصية الباطنية ، ناشئ من اعتقاد هذا الفريق من العلماء بأصالة المادة ، أو بعبارة اخرى : حصر الوجود في المادة ، ومن هنا حاولوا إلباس كل شيء حتى الامور المعنوية والغيبية : اللباس المادي ، واغلقوا على أنفسهم باب عوالم الغيب ، وعمدوا إلى التفتيش عن علة مادية حتى لظاهرة ( الوحي ) التي لا تقاس بمقاييس العالم المادي.

هذا مضافا إلى أن تفسير ( الوحي الالهي ) عن طريق نظرية تجلي الشخصية الباطنية ، وخاصة في شأن رسول الإسلام « محمد » صلى الله عليه وآله وسلم يواجه اشكالات ومؤاخذات اخرى تجعل هذه النظرية في عداد الاساطير!!

وإن ابرز هذه الاشكالات الواردة على هذه النظرية في مجال رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم هي : أن هذه النظرية ليست رأيا جديدا وتهمة جديدة توجه إلى نبوة رسول الإسلام.

فان نظرية « الشخصية الباطنية ، والوحي النفسي الذاتي » هي نظرية متبلورة ومتقدمة لتهمة ( الجنون والصرع ) التي كان يرمي بها العرب الجاهليون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم !!

فقد كان المشركون في بدء الدعوة يقولون : ان ما يقوله « محمد » وما يتكلم به ليس إلا افكاره القلقة المضطربة الناشئة عن خياله ، وان القرآن هي تلك الأفكار المضطربة التي تسربت إلى فضاء عقله من دون ارادة منه ولا اختيار!!

لنستمع إلى القرآن الكريم وهو ينقل عنهم هذا الاتهام :

« بل قالوا اضغاث أحلام » (1).

مخ ۳۳۱