قوم آخرون فقد جاؤوا ظلما وزورا. وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا. قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والارض إنه كان غفورا رحيما » (1).
والآية المبحوثة بصدد بيان هذا الأمر ، وانه وحي سماوي لا افك إفتراه ، ولهذا بدأ كلامه بلفظة : « وكذلك أوحينا إليك » أي كما أنه سبحانه أوحى إلى سائر الانبياء باحدى الطرق الثلاثة التي بينها في الآية المتقدمة ، أوحى إليك أيضا روحا من امره ، وليس هذا كلامك وصنيعك ، بل كلام ربك وصنيعه.
هذا مجمل الكلام في الآية ولاجل رفع النقاب عن مرماها نقدم امورا تسلط الضوء على الآية :
الأول : ان المراد من الروح في الآية هو القرآن وسمي روحا لانه قوام الحياة الاخروية ، كما ان الروح في الإنسان قوام الحياة الدنيوية ، ويؤيد ذلك امور :
أان محور البحث الأصلي في سورة الشورى هو : الوحي والآيات الواردة فيها البالغ عددها (53) آية تبحث عن ذلك المعنى بالمباشرة أو بغيرها.
ب الآية التي تقدمت على تلك ، تبحث عن الطرق التي يكلم بها سبحانه انبياءه ويقول : « وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم » (2).
ج انه سبحانه بدأ كلامه في هذه الآية بلفظة : « وكذلك » أي كما أوحينا إلى من تقدم من الانبياء كذلك أوحينا اليك باحدى تلك الطرق « روحا من أمرنا » ووجه الاشتراك بينه وبين النبيين هو الوحي المتجلي في نبينا بالقرآن وفي غيره بوجه آخر.
كل ذلك يؤيد ان المراد من الروح في الآية المبحوثة هو القرآن الملقى إليه.
نعم وردت في بعض الروايات ان المراد منه هو روح القدس ، ولكنه لا ينطبق على ظاهر الآية ، لان الروح بحكم كونه مفعولا ل « أوحينا » يجب ان
مخ ۳۰۴