خديجة زوجة الرسول الاولى :
حتى قبل ذلك اليوم لم تكن حالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الاقتصادية ووضعه المالي يحسد عليه ، فقد كان بحاجة إلى مساعدة عمه « أبي طالب » المالية ، ولم يكن شغله على النحو الذي يكفي لضمان نفقاته ، من جانب ، وتمكينه من اختيار زوجة وشريكة حياة وتكوين عائلة ، من جانب آخر.
ولكن هذه السفرة إلى الشام وبخاصة على نحو الوكالة والمضاربة في أموال امرأة جليلة ، معروفة في قريش ( أعني خديجة ) ساعدت وإلى حد كبير على تثبيت وضعه الاقتصادي وتقوية بنيته المالية.
ولقد اعجبت « خديجة » بعظمة فتى قريش وسمو أخلاقه ، ومقدرته التجارية حتى أنها أرادت أن تعطيه زيادة على ما تعاقدا عليه ، تقديرا له ، واعجابا به ، ولكنه اكتفى بأخذ ما تقرر في البداية ثم توجه إلى بيت عمه « أبي طالب » وقدم كل ما أخذه من « خديجة » إلى عمه « أبي طالب » ليوسع به على أهله.
ففرح « أبو طالب » بما عاين من ابن اخيه ، وبقية أبيه « عبد المطلب » ، وأخيه « عبد الله » وأغرورقت عيناه بالدموع ، وسر بما حقق من نجاح وما حصل عليه من ربح من تلك التجارة سرورا كبيرا ، واستعد أن يعطيه بعيرين يسافر عليهما ويتاجر ، وراحلتين يصلح بهما شأنه ، ليتسنى له بأن يحصل على ثروة ومال يعطيه لعمه ليختار له زوجة.
في مثل هذه الظروف بالذات عزم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عزما قاطعا على أن يتخذ لنفسه شريكة حياة ويكون اسرة ، ولكن كيف وقع الاختيار على « خديجة » التي سبق لها أن رفضت كل طلبات الزواج التي تقدم بها كبار الاثرياء والشخصيات القرشية مثل « عقبة بن أبي معيط » ، و « أبو جهل » و « أبو سفيان » للزواج بها؟؟! ، وماذا كانت العلل التي جمعت هذين الشخصين غير المتشابهين ، من حيث مستوى الحياة ، والثراء؟ وكيف ظهرت تلك الرابطة القوية ، وتلك العلاقة المعنوية العميقة ، والالفة والمحبة بينهما إلى درجة أن
مخ ۲۵۸