وقال عبد الله بن عمرو بن مخزوم :
أنت الجليل ربنا لم تدنس
أنت حبست الفيل بالمغمس
وقال ابن قيس الرقيات في قصيدة :
واستهلت عليهم الطير با
لجندل حتى كأنه مرجوم (2)
** ماذا بعد هزيمة الأحباش؟
لقد استوجب مقتل أبرهة وتحطم جيشه وهلاكهم ، وبالتالي هزيمة أعداء الكعبة المشرفة ، وأعداء قريش ، أن يتعاظم شأن المكيين ، وشأن الكعبة الشريفة في نظر العرب ، فلا يجرأ أحد بعد ذلك في أن يحدث نفسه بغزو مكة ، والإغارة على قريش ، أو أن يفكر في التطاول على الكعبة المعظمة صرح التوحيد الشامخ ، فقد اخذ الناس يقولون في انفسهم : إن الله أهلك أعداء بيته المعظم بمثل ذلك الاهلاك إحتراما لبيته وتعظيما لشأن قريش ، وقلما كان يتصور أحد أن ما وقع كان لاجل المحافظة على الكعبة فقط ، اي من دون أن يكون لمكانة قريش ومنزلتهم وشأنهم دخل في ذلك ، ويشهد بذلك أن قريشا تعرضت مرارا لحملات متكررة من غزاة ذلك العصر دون أن يصابوا بمثل ما اصيب به جند « ابرهة » الذي قصد الكعبة بالذات ويواجهوا ما واجهه ، من الردع والكبت.
إن هذا الفتح والظفر الذي نالته قريش من دون تعب ونصب ، ومن دون إراقة أية دماء من أبنائها ، أحدثت في نفوس القرشيين حالات جديدة خاصة ، فقد زادت من غرورهم وحميتهم ، وعنجهيتهم ، واعتزازهم بعنصرهم ، فأخذوا يفكرون في تحديد شؤون الآخرين ، والتقليل من وزنهم ، اعتقادا منهم بانهم الطبقة الممتازة من العرب دون سواهم. كما أنها دفعتهم إلى أن يتصوروا أنهم وحدهم موضع عناية الأصنام ( الثلاثمائة والستين ) فهم وحدهم الذين تحبهم
مخ ۱۸۶