ولقد كانت آراء « إبراهيم » ومواقفه السلبية السابقة ضد الاصنام وتحامله الصريح عليها تبعثهم على اليقين بأن « إبراهيم » وليس سواه هو الذي صنع ما صنع بآلهتم واصنامهم.
ولأجل ذلك تشكلت فورا محكمة يرأسها « نمرود » نفسه وأخذوا يحاكمون « ابراهيم » وامه!!
ولم يكن لامه من ذنب إلا أنها أخفت ابنها ، ولم تعلم السلطات بوجوده ليقضوا عليه ، شأنه شأن غيره من المواليد الذين قضت تلك السلطة الظالمة عليهم حفاظا على نفسها وكيانها.
ولقد أجابت ام إبراهيم على هذا السؤال بقولها : أيها الملك فعلت هذا نظرا مني لرعيتك ، فقد رأيتك تقتل أولاد رعيتك فكان يذهب النسل فقلت : إن كان هذا الذي يطلبه دفعته إليه ليقتله ويكف عن قتل أولاد الناس ، وإن لم يكن ذلك فبقي لنا ولدنا.
ثم جاء دور مساءلة إبراهيم عليه السلام فسأله قائلا : « من فعل هذا بآلهتنا يا إبراهيم » فقال إبراهيم : « فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون ».
وقد كان « إبراهيم » عليه السلام يهدف من هذه الاجابة اللامبالية المصحوبة بالسخرية والازدراء هدفا آخر ، وهو ان « إبراهيم » عليه السلام كان على يقين بأنهم سيقولون في معرض الاجابة على كلامه هذا : إنك تعلم يا إبراهيم ان هذه الأصنام لا تقدر على النطق ، وفي هذه الصورة يستطيع « إبراهيم » أن يلفت نظر السلطات التي تحاكمه إلى نقطة اساسية.
وقد حدث فعلا ما كان يتوقعه « إبراهيم » عليه السلام لما قالوا له وقد نكسوا على رؤوسهم : « لقد علمت ما هؤلاء ينطقون » فقال إبراهيم ردا على كلامهم هذا الذي كان يعكس حقارة تلك الاصنام والأوثان وتفاهة شأنها : « افتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم ولا يضركم اف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون ».
إلا أن تلك الزمرة المعاندة التي ران على قلوبها الجهل والتقليد الأعمى لم
مخ ۱۳۶