سیف او اور په سوډان کې

سلاطین باشا d. 1351 AH
171

سیف او اور په سوډان کې

السيف والنار في السودان

ژانرونه

بعد أيام قلائل من تلك المقابلة السامية كنت واقفا في شرفة السفارة متطلعا إلى جمال حديقتها في فصل الربيع، فشاهدت طيرا مائيا أليفا إلى جانب الأعشاب، فتذكرت في الحال طير فالزرفين التابع لاسكانيانوفا توريدا الكائنة في روسيا الجنوبية، ففي الحال دخلت غرفتي وكتبت له بيانا كاملا عن طير الكركي الذي أطلقه في عام 1892 والذي قتل في دار شيفية، وفي الحق كنت مسرورا جدا بكتابة خطاب تفصيلي إلى الصاحب الأصلي لذلك الطير، وما هي إلا فترة صغيرة حتى ورد لي من فالزرفين رد على خطابي يشكرني فيه جزيلا ما ذكرته عنه ويدعوني لزيارته، ولكني لسوء الحظ لم أتمكن من القيام بتلك الزيارة النفيسة؛ لأني ارتبطت بمواعيد كثيرة جدا حالت دون قبول الدعوة الجديدة.

كثرت الدعوات الرسمية والخصوصية، وتعددت الزيارات بحيث لم أستطع القيام بعمل رسمي جدي قبل مرور بضعة أسابيع.

كان أول عمل لي بطبيعة الحال كتابة تقرير رسمي مفصل أرفعه لرؤسائي الحربيين، وبعد ذلك بفترة بدأت في كتابة قصة حياتي في الأعوام الستة العشرة الأخيرة.

أما صديقي القديم وزميلي في الأسر الأب أوهروالدر الخطيب الديني في سواكن، فقد انتهز أول فرصة وحضر خصوصا إلى مصر لتحيتي، وفي الحق كان اجتماعنا سبب سرور جديد لا أستطيع وصفه، وقد شعرت براحة كلية لأني تمكنت شخصيا من تقديم شكري الجزيل لهذا الصديق المخلص إزاء ما أبداه نحوي من مساعدة وتأييد. إني أشعر بثقل في رأسي ودوران قد يعقبه الإغماء كلما أتذكر الحالة الماضية وأقارنها بالحالية، وكلما أسرد حوادث مدة اثنتي عشرة سنة قضيتها أسيرا في أقصى حالات الأسر، وإزاء ذلك كله لم أستجمع قوى تفكيري قبل مرور فترة غير قصيرة.

الآن أشعر بأني رجل من شعب متمدن ورجال مسالمين، فترجع أفكاري إلى البرابرة المتعصبين الذين عشت معهم زمنا طويلا، قاسيت فيه الآلام وواجهت المخاطر، ثم أعود فأذكر رفاقي الذين لا يزالون تحت الأسر الممض، وألقي نظرة أسى على الأمم الواقعة في حبائل الأسر، فلله أجزل الشكر على فضله العظيم؛ حيث نجاني من الخطر الفادح وأوصلني بالسلامة إلى شعب هادئ أمين.

الفصل التاسع عشر

الختام

بعد أن قضيت أكثر من ستة عشر عاما - من بينها اثنا عشر عاما في الأسر الشنيع - في أفريقيا منقطع الصلة عن العالم المتمدين، قدر لي حظي السعيد أن أعود إلى أوروبا، إلا أنه من الواجب علي أن أقول بأن تغيرا عظيما في سبيل العمران حدث في أفريقيا في هذه المدة، فكثير من المناطق التي خاطر فيها أمثال المحترمين: لفنجستون وأسيك وجرانت وبيكر وستانلي وكمرون وبراز وجنكر وشونيفورت وهولب ولينز، ومئات غيرهم بأرواحهم العزيزة في سبيل البحث عنها؛ أصبحت (المناطق) قابلة الآن للنهوض المتمشي مع المدنية. في كثير من المناطق التي قاسى فيها المكتشفون قبلا كثيرا من المخاطر، توجد الآن قوى ومحطات عسكرية تساعد على نشر الأمن وتسهيل التجارة التي تعد أهم عناصر التقدم في الجهات المذكورة.

لئن تطلعنا إلى الدول صواحب الشأن في تلك المناطق، فإنا نجد في الشرق إيطاليا وإنجلترا وألمانيا، وفي الغرب الكنغو (بلجيكا) وفرنسا وإنجلترا، وتسعى كل من تلك الدول سعيا حثيثا في زيادة النفوذ في جهات مختلفة، وترمين جميعا إلى وضع الأيدي على أفريقيا الوسطى. وقد بدأ رجال القبائل المتوحشة - الذين يعتبرون أقرب إلى الحيوان منهم إلى الإنسان - يدركون حاجياتهم الضرورية، وأن هناك أناسا ذوي مراتب سامية في أنفسهم، ويرجع ذلك إلى المقدار الذي حصلوا عليه من المدنية والتقدم. ولا شك عندي في أن الممالك الإسلامية الصغيرة الشمالية، كوادي بورنو وفلاتا، سيدرك زعماؤها حاجتهم للتعاون مع الدول العظمى في سبيل الاحتفاظ بحكمهم الوراثي.

ذكرت المناطق السابقة ولم أشر إلى الآن بشيء للبقعة التي قضيت فيها أكثر من عشر سنين، ورغبتي في ذلك منحصرة في تخصيص الذكر والكلام عند ورود اسم السودان بين المناطق الأفريقية.

ناپیژندل شوی مخ