قلت: الأذى على قسمين: أذى مقصود، وأذى غير مقصود، فمسطح وحمنة وحسان لم يكن مقصودهم أذى النبي ﷺ، فلذلك لا يجري عليهم كفر ولا قتل، وأما ابن أبي فكان مقصوده بالأذى النبي ﷺ، فلذلك يستحق القتل، ولكن الحق للنبي ﷺ، فله تركه.
وهذه القاعدة واعتبار القصد فيما يحصل به الأذى مما يجب التنبيه له، فإن الشخص قد يفعل فعلًا أو يقول قولًا فيحصل لآخر منه أذى لا يكون ذلك الفاعل أو القائل قصد أذاه ألبتة، وإنما قصد أمرًا آخر ولم يحضر عنده أن ذلك يستلزم الأذى لذلك الشخص ولا كان لزومه له بينا، فهذا لا يترتب عليه حكم الإيذاء.
وهذا قد وقع لجماعة من جفاة الأعراب ومن لم يتأمل مواقع الكلام، فلم يؤاخذهم النبي ﷺ، وحال مسطح ورفقته يحتمل أن يكون من هذا الضرب، ويحتمل أنه قبل أن يتبين لهم أنها زوجته في الدنيا والأخرة وأن زوجات الأنبياء تجب براءتهن، وجوزوا أنه سيفارقها.
1 / 135