شبهة وحلها :
قالوا : لو كانت اليد والوجه والاستواء بمعنى القدرة أو النعمة والقوة والذات والاستيلاء ؛ فلماذا موه علينا ولم يقل نعمته ، كل شئ هالك إلا ذاته ، الرحمن على العرش استولى ؟
قلت : ليس هذا تمويها لأنه تعالى أخبر بأنه نزل القرآن بلسان عربي مبين ، والعرب تتخاطب بالحقيقة والمجاز مع وجود قرائن عقلية ولفظية ، فخاطبنا تعالى بالحقيقة مع قوله تعالى : (( ليس كمثله شئ )) [ الشورى : 11 ] واليد والوجه وغيرهما أشياء فنفاها الله عز وجل عنه ، ومع وجود الله الذي هو الدليل على معرفة الله وصدق المبلغ .
ثم إن الله تعالى يقول : (( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة )) [ الإسراء : 24 ] مع عدم وجود جناح للذل والمراد الكناية عن الخضوع للوالدين وامتثال أمورهما .
وقال تعالى : (( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه )) [ فصلت : 42 ] ، وقال : (( بين يدي رحمته )) [ الأعراف : 57 ] ، فهل للقرآن والرحمة يدان حقيقيتان تليق بجلالهما ؟! ولماذا لم يقل عز وجل بين قدام رحمته ، ولا يأتيه الباطل من ظاهره ولا من باطنه ؟!!
وأيضا فالله ذكر أن القرآن يشتمل على المحكم والمتشابه ، فلماذا لم يجعل القرآن كله محكما بهذا الاعتبار ؟ ولماذا جعل في القرآن آيات متشابهة يتبعها الذين في قلوبهم زيغ إرادة الفتنة في الدين ؟!
إن الإجابة على هذه التساؤلات هي نفس الإجابة على ما قالوه ، والإجابة هي أن يميز الله من يتبع المحكم ويرد المتشابه إلى المحكم ممن يتبع المتشابه إرادة الفتنة في الدين ، وأن يرفع الله مراتب العلماء الراسخين حتى يكون الأجر بقدر المشقة مع وجود قرائن في المجاز والمتشابه تدل على أنها مجاز ومتشابه.
مخ ۳۰