وعلى قول من قال أن العرش قبلة للملائكة فأن الاستيلاء لا يدل على ماقاله المخالف لأن الله عبر بالاستيلاء عن كونه قهارا كما قال تعالى (( لمن الملك اليوم)) فلا يدل التقييد باليوم انه قبل ذلك اليوم كان لغيره فتأمل.
قال المخالف : إن الغالب من كلمة استولى أنها لا تكون إلا بعد مغالبة ، فمن الذي غالب الله على العرش حتى أخذه الله منه واستولى عليه ؟
قلت : هذا اعتراف منه أن كلمة استولى لا تكون في جميع حالاتها للمغالبة ، ولهذا نقول : إن المراد بالاستيلاء هو عدم المغالبة لأن لفظة استولى لا تعني باعترافه المغالبة في كل حالاتها للمغالبة ، بل في الغالب فقط ، ويدلك على عدم كونها للمغالبة قول الشاعر العربي كما نقله صاحب الصحاح في مادة سوى :
قد استوى بشر على العراق ... من غير سيف ودم مهراق
فقول الشاعر من غير سيف ودم مهراق نص على أن لفظة استوى التي بمعنى استولى من دون مغالبة ، والمعلوم أن القرآن نزل بلسان عربي مبين وهذا شاعر عربي .
فإن قيل : إن الشاعر نصراني .
قلت : نحن نحتج بلغته التي هي لغة العرب ، ولهذا ترى علماء العربية يحتجون بأقوال المشركين العرب ، فما بالك بأقوال النصارى العرب؟ ثم إن البخاري في صحيحه احتج بقول امرئ القيس وهو مشرك ، وما أوردناه هو قول أحد أئمة اللغة وهو الجوهري صاحب الصحاح وكذا قول صاحب القاموس مجد الدين الفيروز آبادي بأن استوى تأتي بمعنى استولى .
وقال تعالى (( والله غالب على أمره )) [ يوسف : 21 ] ؛ فهل هذه الآية تدل على المغالبة والمقاومة ؟المعلوم قطعا عدم دلالتها وإلا فمن هو الذي تغالب هو والله ، نعم لا تدل على المغالبة ولا تعلم الآية بذلك فكذلك آيات الاستواء التي بمعنى الاستيلاء .
مخ ۱۳