صید خاطر
صيد الخاطر
خپرندوی
دار القلم
د ایډیشن شمېره
الأولى
د خپرونکي ځای
دمشق
٦٧- فصل: طوبى لمن عرف المسبِّبَ وتعلق به
٣٤٢- قلوب العارفين يغار عليها من الأسباب، وإن كانت لا تساكنه؛ لأنها لما انفردت لمعرفتها، انفرد لها بتولي أمورها، فإذا تعرضت بالأسباب، محا أثر الأسباب: ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا﴾ [التوبة: ٢٥] .
٣٤٣- وتأمل في حال يعقوب وحذره على يوسف ﵉، حتى قال: ﴿وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ﴾ [يوسف: ١٣]، فقالوا: ﴿فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ﴾ [يوسف:١٧]، فلما جاء أوان الفرج، خرج يهوذا بالقميص، فسبقه الريح: ﴿إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ﴾ [يوسف: ٩٤] .
٣٤٤- وكذلك قول يوسف ﵇ للسَّاقي: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢]، فعوقب بأن لبث سبع سنين، وإن كان يوسف ﵇ يعلم أنه لا خلاص إلا بإذن الله، وأن التعرض بالأسباب مشروع، غير أن الغيرة أثرت في العقوبة.
٣٤٥- ومن هذه قِصَّةُ مَرْيَمَ ﵍: ﴿وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا﴾ [آل عمران: ٣٧]، فغار المسبب من مساكنه الأسباب: ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا﴾ [آل عمران: ٣٧] .
٣٤٦- ومن هذا القبيل ما يروى عن النبي ﷺ: أنه قال: "أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يحتسب"١.
٣٤٧- والأسباب طريق، ولا بد من سلوكها، والعارف لا يساكنها، غير أنه يجلي له من أمرها ما لا يجلي لغيره من أنها لا تساكن، وربما عوقب٢ إن مال إليها، وإن كان ميلًا لا يقبله، غير أن أقل الهفوات يوجب الأدب٣.
وتأمل عقبى سليمان ﵇ لما قال: "لأطوفن الليلة على مائة امرأة، تلد كل
١ رواه القضاعي "٥٨٥" وابن عبد البر في التمهيد "٢١/ ٢٠" وفي إسناده أحمد بن طاهر كذاب وعمر بن راشد منكر الحديث. ٢ في الأصل: عرفت، وهو تصحيف. ٣ لذلك قالوا: حسنات الأبرار سيئات المقربين.
1 / 125